رضاء رب العباد الفاتح لباب كنز الرشاد،

محمد بن مطهر الغشم (المتوفى: 1355 هـ)

فصل

صفحة 402 - الجزء 1

  نفسه⁣(⁣١)) فكما أنه يوصي الى غيره بأن يخلصه مما عليه من الحقوق التي في ذمته لله ولخلقه فليخرجها في حال حياته وصحته.

  اذ من المعلوم أن غيره لا يفعل له كما يفعل لنفسه، وقد يسهل حتى لا يقضي تلك الحقوق عنه فيبقى محاسباً عليها بين يدي ربه فليحذر العبد غاية الحذر وليدن نفسه في حياته (ان عقل فلا يتغافل عن تخليصها والتفقد لأحوال دينه) في كل حال ولينظر ما ورد في الحث على ذلك كتاباً وسنة.

  وقد تقدم في الحث على تقصير الأمل في هذا الكتاب شيء مما ورد في ذلك فأرجع اليه تفضلاً (وليلزم الوسط مما يحتمله حاله) فإن الوسط الخيار ولعله مراد الله تعالى في كل أحوال العبد وهو الموافق للشريعة فلا يعدل عن ذلك فليكن مجانباً (لجانب هو الإفراط) وهو التشديد في الأمور والغلو فيها حتى يخرج عن حد الشريعة فيصير مبتدعاً (والتفريط) وهو التساهل عن القيام بما أمر به وأدائه على أحسن الأحوال بجميع ما يلزم، فيه كما كان عليه النبي ÷ وآله خير آل، فإن ذلك الوسط المحمود الموصل الى النعيم الدائم والخلود، وليكن العبد ذا همة فيما له من الجد في الأعمال الصالحة، وعليه التخلص من جميع الحقوق (ولا يؤخر شغل يوم الى غده ولا وقت الى ما بعده فمن المستهجن تأخير العمل وإطالة الأمل) وهذا دأب النفس الخبيثة فإنها تميل كل الميل الى التواني والدعة والسكون ونحو ذلك


(١) كما قال الشاعر:

اذا ما كنت متخذاً وصياً ... فكن فيها ملكت وصي نفسك

انتهى.