رضاء رب العباد الفاتح لباب كنز الرشاد،

محمد بن مطهر الغشم (المتوفى: 1355 هـ)

فصل

صفحة 408 - الجزء 1

  مقسوماً للعبد فإنه لا يدركه وهو حريص عليه فيسوءه فواته فمن حق العبد أن لا يفرح بما ناله ولا يأسى على ما فاته وهذا هو معنى قول الله تعالى {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ٢٢ لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ}⁣[الحديد: ٢٢ - ٢٣] الآية وقوله يرجو الآخرة أي نعيمها بغير عمل كما يقوله أهل الضلالة الايمان قول بلا عمل وتأخير التوبة لطول الأمل وهو الذي هلك به كثيرون لأن كلا⁣(⁣١) مؤمل للتوبة ولا يبادر بها على ما يوافق مراد الله إلا من وفقه الله تعالى قوله فكأن هذا من الاكتفاء وهو فن من البلاغة يعني فكان قد وقع ما يحاذره من الأجل ونحوه فمن حق العبد أن لا يؤخر التوبة وأما من الاخبار النبوية فقد وردت بمعنى هذا في أول الكتاب (وقد اجمع العلماء على اختيار الزهد فيها ووصفها الله تعالى بأنها لعب ولهو) في آيات من كتاب الله الكريم: منها {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ}⁣[الحديد: ٢٠] الآية وشبهها رسول الله ÷ بالشاة الميتة قال⁣(⁣٢) «والذي نفسي بيده للدنيا أهون على الله هذه على صاحبها ولو كانت تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى منها كافر شربة» ذكره الامام يحيى في التصفية وفيها: وقال⁣(⁣٣)


(١) يعني كل احد فحذف المضاف اليه واتى بالتنونين عوضاً عنه.

(٢) اخرجه ابن ماجة والدارقطني في الأفراد والطبراني في الكبير والحاكم في المستدرك عن سهل بن سعد ولفظه «اترون هذه الشاة هيئة على صاحبها فوالذي نفسي من بيده» الخبر بطوله.

(٣) اخرجه أحمد ومسلم والترمذي وابن ماجة عن ابي هريرة والطبراني في الكبير =