فصل
  فعلمت أن أساس كل خير الاقبال على العلوم النافعة واصلاح الباطن رأسها.
  فعليك بها ترشد ان شاء الله (فمتى تم ما ذكر فهي التوبة النصوح المقبولة ان شاء الله تعالى قيل ويلزم ان لا يخلو التائب مع ذلك من الاشفاق والخوف اذ لا يأمن كون توبته غير واقعة على الوجه المرضي المقبول) وقد فسر قول الله تعالى {تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا}[التحريم: ٨] أي خالية عن الشوائب ومعنى ان لا يخلو التائب من الخوف هو أن لا يأمن فيقطع بعد توبته أنه من أهل الجنة لأن مراد الله تعالى أن يبقى العبد في حياته خائفاً راجياً ولا يرجح أحدهما على الآخر إلا عند مرض الموت فيرجح الرجاء فيحب لقاء الله تعالى كما تقدم ذكره (ويدل عليه) أي على أنه يلزم الأشفاق والخوف قوله وتعالى {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ}[المؤمنون: ٦٠] الآية، أي خائفة أن لا يقبل منهم، وذلك بعد قوله تعالى {الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ ٥٧}[المؤمنون] وكذلك يدل عليه (قوله تعالى {يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ}[الإسراء: ٥٧] الى قوله تعالى {وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ}[الإسراء: ٥٧]) وغير ذلك كتاباً وسنة فعلمنا أن مراد الله أن يكون العبد بين الخوف والرجاء ليحثه ذلك على الجد في الأعمال الصالحة والانزجار عن ضدها وذلك من نعم الله على عبده ولذا ورد الوعد مقروناً بالوعيد في جميع الكتاب والأخبار النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام (وسئل جعفر) الصادق (بن محمد) الباقر ($) وعلى آبائه (عن معنى قوله تعالى {تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا}[التحريم: ٨] قال: يتوب العبد ولا يعود) لأن مع العود تكون