فصل
  يعم في الكشاف: ملك هو الاختيار لأنه قراءة أهل الحرمين ولقوله لمن الملك اليوم ولقوله ملك الناس ولأن الملك يعم والملك يخص ثم قال هذه الأوصاف التي أجريت على الله سبحانه من كونه رباً مالكاً للعالمين لا يخرج شيء منهم من ملكوتيته وربوبيته ومن كونه منعاً بالنعم كلها الظاهرة والباطنة والجلائل والدقائق ومن كونه مالكاً للأمر كله في العاقبة يوم الثواب والعقاب بعد الدلالة على اختصاص الحمد به وانه به حقيق في قوله الحمد الله دليل على ان من كانت هذه صفاته لم يكن احد أحق منه بالحمد والثناء عليه أهله (إياك نعبد أي لا نعبد غيرك) والعبادة أقصى غاية الخضوع ولا تستعمل إلا في الخضوع لله تعالى لأنه مولى أي مالك اعظم النعم فكان حقيقاً بأقصى غاية الخضوع ذكره في الكشاف ثم قال فإن قلت: لم عدل عن لفظ الغيبة الى لفظ الخطاب. قلت: هذا يسمى الالتفات في علم البيان وذلك لأن الكلام اذا نقل من أسلوب الى أسلوب كان احسن تضرية(١) لنشاط السامع وايقاظاً للاصغاء اليه من اجرائه على هو اسلوب واحد وقد يختص مواقعه بفوائد ومما اختص به هذا الموضع انه لما ذكر الحقيق بالحمد واجرى عليه تلك الصفات العظام تعلق العلم بمعلوم عظيم الشأن حقيق بالثناء وغاية الخضوع له والاستعانة به في المهمات فخوطب ذلك المعلوم
(١) أي تعويدا أنتهى مختار معنى.