فصل
  المتميز بتلك الصفات فقيل إياك يا من هذه صفاته نخص بالعبادة والاستعانة لا نعبد غيرك ولا نستعينه ليكون الخطاب أدل على أن العبادة له بذلك التمييز الذي لا تحق العبادة إلا له.
  قلت وأعظم فائدة من فوائد هذا الالتفات إيقاظ المصلي أن الموصوف بهذه الصفات العظيمة حاضر ليوجب احضار قلبه لتعظيم ربه اذ هو المراد.
  فإن قلت: لم قرنت الاستعانة بالعبادة. قلت: ليجمع بين ما يتقرب به العباد الى ربهم وبين ما يطلبونه ويحتاجون اليه من جهته.
  فإن قلت: لم قدمت العبادة على الاستعانة.
  قلت: لأن تقديم الوسيلة قبل طلب الحاجة ليستوجبوا الاجابة اليها.
  فإن قلت: لم أطلقت الاستعانة قلت ليتناول كل مستعان فيه والأحسن أن يراد الاستعانة به وبتوفيقه على أداء العبادة (وإياك نستعين على تأدية عبادتك لا نستعين عليها إلا بك) قال في الكشاف: ويكون إهدنا بياناً للمطلوب من المعونة كأنه قيل كيف أعينكم فقالوا (اهدنا الصراط المستقيم) أي (أرشدنا بالطافك الى طريق رضاك عنا) ومعنى طلب الهداية وهم مهتدون طلب زيادة الهدى بمنح الالطاف كقوله تعالى {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى}[محمد: ١٧] {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا}[العنكبوت: ٦٩] وعن علي وأبي ® ثبتنا، وقرأ عبد الله بن مسعود أرشدنا ومعنى الصراط الجادة وهي الطريق الواسعة من سرط فقلبت السين صاداً لأنها تبتلع المار كما تسمي لقما أو المراد به طريق الحق وهو ملة الاسلام.