شافي العليل في شرح الخمسمائة آية من التنزيل،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

(سورة حم عسق)

صفحة 300 - الجزء 1

(سورة حم عسق)

  {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ} الآيه.

  اما حملت على عمومها فتكون نحو قوله {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ} ويكون المراد ترك المعاجلة، والا حملت على الخصوص في قوله {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا}.

  {وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ} الآيه.

  هذا ايمان مجمل وهو يصح، ونظيره في الاحرام: أحرمت بما أحرم به فلان، وفي الصلاة عند الهادي: أصلى صلاة امام، وأصلي أربعا عما فات من الرباعيات ونحو ذلك.

  وليس من ذلك نيته في صلاة العيد على الوجه الذي يريده الله لأن المراد يختلف بحسب اختلاف المذهب.

  ومثله: ماذكره بعض المذاكرين في نية التسليم في صلاة الجماعة أنسه ينوى من تعبده الله بالسلام عليه.

  {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ ٣٩}.

  يقال كيف مدحهم بالانتصار، وقد أمروا بالعفو في قوله تعالى {خُذِ الْعَفْوَ} وقوله تعالى {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} وقوله: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ} وقوله: {فَاعْفُ عَنْهُمْ}، وقوله: {مَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ٣٥} وقوله {وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ١٢٦}، وقوله: {قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ}.

  فقيل في الجواب: المراد يتناصرون كما في اختصموا واقتتلوا بمعنى تفاعلوا.

  وقيل: هذا في حق الله، والعفونة في حق العبد.

  وقيل: هذا في دفع الذل عن أنفسهم.

  وقد قال ÷ «ليس للمؤمن أن يذل نفسه».