شافي العليل في شرح الخمسمائة آية من التنزيل،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

(سورة الأنبياء $)

صفحة 245 - الجزء 1

(سورة الأنبياء $)

  {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ} الآيه.

  قيل: دلت على أن الحق مع واحد، وقيل: على وجود الأشبه لقوله {وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا} وقيل كان فعل داود صلحا والصلح خير ولم يكن قد حكم.

  ووجه فعل داود # أنه سلم الغنم بجنايتها كالعبد الجاني.

  ووجه فعل سليمان #: أنه جعل المنافع بالمنافع وهو أرفق ومن ثم قال تعالى ففهمناها سليمان، وكل منهما على حق لقوله تعالى: {وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا}.

  وقد دلت على أنه يجوز للنبي أن يجتهد كما ذكره الأكثر، وكان هذا الحكم في شريعتهم، وأما في شريعتنا فيضمن جناية الغنم بالليل كما قد روي أنها نفشت فيه ليلا، والضمان بالارش فقط، وهو ما بين قيمتى الأرض منبتة وغير منبتة.

  ولعل فعل داود: كان كذلك، وأنه قوم الغنم بالأرش، وكذا فعل سليمان: قوم المنافع به أيضا، فتكون الشريعة واحدة.

  {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ} الآيه.

  دلت على جواز الشكاية الى الله تعالى واظهار التوجع اليه، وان كان ذلك لا يجوز الى غيره، وهذا بخلاف الضرر الواقع من العباد، فيجوز الشكاية فيه الى كل واحد، بخلاف الأسف من الذنب، فيجوز معه اظهار الجزع وخمش الوجه، ونحوه، وقد تقدم ذلك.

  {فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ} الآيه.

  يؤخذ منه آداب شدة اخفاء الدعاء، وتقديم توحيد الله، وتقديسه والاقرار بالذنب على أبلغ وجه، كما في دعاء آدم: ربنا ظلمنا أنفسنا وكذلك موسى، رب انى ظلمت نفسي، وكذلك أصحابه: لئن لم يرحمنا ربنا، ويغفر لنا، لنكونن من الخاسرين.