التحف شرح الزلف،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

الإمام إبراهيم بن عبدالله (ع)

صفحة 107 - الجزء 1

  ثم قال: اللهم إن كنت تعلم أن محمداً إنما خرج غضباً لدينك ونفياً لهذه النكتة السوداء، وإيثاراً لحقك فارحمه واغفر له واجعل الآخرة له خيراً مرداً ومنقلباً من الدنيا، وتمثل:

  أبا المنازل⁣(⁣١) يا عُبر الفوارس من ... يفجع بمثلك في الدنيا فقد فجعا

  الله يعلم أني لو خشيتهمو ... أو أوجس القلب من خوفٍ لهم فزعا

  لم يقتلوه ولم أسلم أخي لهمو ... حتى نموت جميعاً أو نعيش معا

  وفي المقاتل بعد ذكر هذه الأبيات والدعاء، ثم جرض بريقه، وترادّ الكلام في فيه، وتلجلج ساعة، ثم انفجر باكياً منتحباً، وبكى الناس، قال: فوالله لرأيت عبدالواحد بن زياد اهتزّ له من قرنه إلى قدمه، ثم بلّت دموعه لحيته.

  إلى قوله: قال إبراهيم بن عبدالله: ما أتى عليَّ يوم بعد قتل محمد إلا استطلته حباً للحاق به ... إلى قوله: كان على ميمنة إبراهيم عيسى بن زيد.

  وفيه بسنده: حدثنا جعفر بن محمد مِنْ فِيْهِ إلى أذني، قال: لما قتل إبراهيم بن عبدالله بن الحسن بباخمرى حسرنا عن المدينة، ولم يترك فيها منا محتلم حتى قدمنا الكوفة فمكثنا فيها شهراً، فتوقعوا فينا القتل، ثم خرج إلينا الربيع الحاجب، فقال: أين هؤلاء العلوية؟ أَدْخِلوا على أمير المؤمنين رجلين منكم من ذوي الحجا.

  قال: فدخلنا إليه أنا والحسن بن زيد، فلما صرت بين يديه، قال لي: أنت الذي تعلم الغيب؟

  قلت: لا يعلم الغيب إلا الله.

  قال: أنت الذي يجبى إليك هذا الخراج؟ قلت: إليك يجبى.


(١) في حاشية الشافي: المنازل على صيغة اسم الفاعل بضم الميم من تنازل الأقران في الحرب، وعُبر مثله بضم العين: القوي الذي يَشُقُّ ما يمرّ به، يقال: ناقة عبر أسفار، أي: قوية. انتهى من المؤلف (ع).