التحف شرح الزلف،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

الإمام يحيى بن عبدالله (ع)

صفحة 126 - الجزء 1

  صاحبي إلا السيف، ولا فراشي إلا الأرض، ولا شهوتي من الدنيا إلا لقاؤكم، والرغبة في مجاهدتكم ولو موقفاً واحداً، انتظار إحدى الحسنيين في ذلك كله في ظفر أو شهادة.

  وبعدُ، فإن لنا على الله وعداً لا يخلفه، وحتماً سوف ينجزه حيث يقول: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا}⁣[النور: ٥٥].

  وهو الذي يقول عز قائلاً: {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ٥}⁣[القصص: ٥].

  فلما ورد جوابه أثنى وساده، ومنعه رقاده، وظنّ أن مدّتهم قد قرب انقضائها، فشاور أهل الرأي والوزراء والعمال، وفقهاء السوء، وقضاة الجور، فاستبهم عليهم باب الخطب، وعظم الوجل، وتناهى الكرب.

  فقال أبو البختري⁣(⁣١) وهب بن وهب لعنه الله، وكان من قضاته، بل جعله قاضي القضاة: يا أمير المؤمنين عليَّ أحتال لك حتى يُسَلَّمَ يحيى من جستان، قال: وكيف ويلك تعمل؟

  قال: أجمعُ من وجوه أهل قزوين وزنجان، والري وأبهر وهمذان، وعلمائها من قدرتُ، ويشهدون عند جستان أني قاضي القضاة، وأشهد أن يحيى لك عبد.

  ويشهدون هم بمثل ذلك تقوية للخلافة، فسرى عند سماعه هذه الحيلة غمُّه، وانجلى كربه وهمُّه، وأمر لأبي البختري بثلاثمائة ألف درهم، ووجَّه من فوره إلى


(١) أبو البختري بالخاء المعجمة وفتح الباء، قال: وقد تصحّف على كثير من الناس بالحاء المهملة. تمت من المؤلّف (ع).