التحف شرح الزلف،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

[لا نعتمد في الدين على شيء من طرق المضلين]

صفحة 392 - الجزء 1

  عليه من مباينة كثير للمنهج القويم، وعدولهم عن الصراط المستقيم، وقد انصدعت على هذا الأسلوب طائفة، واشتدّت من متأخريهم المكاشفة والإنحراف، والبعد عن الإنصاف، مع الزهو والخيلاء والتفيهق والتبجح، ولو أدركهم الأئمة الهداة كإمام اليمن الهادي إلى الحق، أو إمام الجيل والديلم الناصر للحق، أو الإمام المتوكّل على الله أحمد بن سليمان، أو الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة، أو غيرهم من أعلام الهدى رضوان الله عليهم، النافين عن الدين تحريف الغالين وانتحال المبطلين، لهتكوا أستارهم، وكشفوا عوارهم، فإنّهم أضرّ على الدين من كثير من سلفهم المتقدمين، وقد فارقتهم عصابة المحقّين، وإن لم يكن لهم همم السابقين، مع ابتلائهم بفساد الزمن، وغلبة أهل الفتن، ولعمر الله لقد أصبحنا في زمان كما قال أمير المؤمنين #: القائل فيه بالحق قليل.

  ومن أعجب البدع أن كثيراً من المتقشِّفين - الذين صدق فيهم قوله #: (يقول: أعْتَزِل البدع، وفيها وقع) -، يعدّ الخوض فيما هذا حاله مما لا يعني، وَلَيْتَهُ يميِّز بين ما يعني، وما لا يعني، أيها المتقشّف لو جرى الكتاب والرسول ÷ على مذهبك في التصوّن، هل كان يَتَمَيَّزُ موحِّد من مُلْحِد، أو محقّ من مبطل؟

  ألم تسمع ما في الكتاب المبين، وعلى ألسنة الرسل المطهرين À أجمعين؟: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ٧٨ كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ٧٩}⁣[المائدة: ٧٨ - ٧٩]، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}⁣[التوبة: ٣٤].

  ألم تسمع الأمر بالقيام بالقسط والشهادة لله ولو على الأنفس والوالدين والأقربين، ولأيّ شيء وُضِعَ الجرح والتعديل بإجماع طوائف المسلمين؟ فإن قلت: إنما أتحرّج عن غير المستحقين؟