التحف شرح الزلف،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

[لا نعتمد في الدين على شيء من طرق المضلين]

صفحة 393 - الجزء 1

  قلنا: فهل بغير موجبه قلنا؟ لكن المجادلة عن علماء السوء المضلّين بما ورد من النهي عن أعراض العلماء العاملين من لبس الحق بالباطل، {وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا ١٠٧}⁣[النساء: ١٠٧]، {هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا ١٠٩}⁣[النساء: ١٠٩].

  يالله، بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً، والجاهلية الأخرى شرّ من الجاهلية الأولى، وأقول: والذي يعلم السرّ وأخفى إنه ليسوؤنا أيّ خَلَلٍ في جناب أقصى علماء الأمة، ولعلّنا بحمد الله أعرف بمقدار مكانتهم من العلم، وإنه - وحقّ المعبود - لا يخفى علينا أن الإِعْرَاضَ عن الأَعْرَاضِ، والصَّمْتَ والإدْهَانَ أَسْلَمُ لدنيانا، وأبقى لعِرْضِنا، وأَبْعَدُ عن تطرّق نفثات سفهاء الأحلام، وبادرات جهلاء الأنام، ولكن كيف السبيل، والله ø يقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ}⁣[النساء: ١٣٥]، فحق الله أعظم، وأمره المقدّم، وإن مجّته الأسماع، ونفرت عنه الطباع، فلسنا بحمد الله نبالي بعد امتثال أمره، والوقوف تحت حكمه، بقالة المتقوّلين، وقعقعة المتحزّبين، الذين يقلِّدون في دين الله الرجال، فيميلون بهم من يمين إلى شمال، لا سيما هذه الطائفة من الزائغين، الذين صار لديهم من خالف الحق وأهله موسوماً باتباع الدليل، ولو كانوا يسمعون أو يعقلون لعلموا أولاً أن المعتبر اتباع الحق المأخوذ على الخلق، لا المشاقّة واتباع غير سبيل المؤمنين، وأن لزوم جماعة الحق والكون معهم هو فرض الله المتَعَيِّن، {اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ١١٩}⁣[التوبة: ١١٩]، {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}⁣[آل عمران: ١٠٣]، {إنّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ}⁣[الأنعام: ١٥٩]، والله ø يقول: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}⁣[النساء: ٥٩]، {وَلَوْ