[لا معرفة للعلم وأبوابه إلا بالكشف عن حملته وأربابه]
  يحاوله أحد منا إلا بتوقيف، فإنه لا يمكن القطع به وبت الإعتقاد ... إلى قوله: وأما معرفة الفرقة الناجية فالطريق إليها حاصلة ..... إلى آخر كلامه.
  وقد عَلِمْتَ أن دين الله لا يكون تابعاً للأهواء: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ}[المؤمنون ٧١]، {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ}[يونس ٣٢]، {شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ}[الشورى: ٢١].
  نعم، وقد صار كل فريق يدعي أن الحق معه، والنجاة لمن اتبعه:
  وكلٌّ يَدَّعي وَصْلاً لِلَيْلَى ... ولَيْلى لا تُقِرُّ لهم بذَاكَ
  إلا أن نابغَةً ممن لا مُبَالاةَ عندهم بالدين، ومخالفة العقل والكتاب المبين، ذهبوا إلى تصويب جميعِ الناظرين، وأغلب هذه الفئة ليس لها مأرب إلا مساعدة أهل السياسة، والتألّف للمفترقين، ولقد جمعوا بين الضلالات، وقالوا بجميع الجهالات، أما علموا أن الله سبحانه أحكم الحاكمين، وأنه يحكم لا معقب لحكمه، وأنه لا هوادة عنده لأحد من خلقه، وأنها لا تزيد طاعتهم واجتماعهم في ملكه، ولا ينقص تفرقهم وعصيانهم من سلطانه، {يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ١٥}[فاطر]، وقد خاطب سيد رسله ÷ بقوله ø: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ١١٢ وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ ١١٣}[هود]، مع أنه ÷ ومن معه من أهل بدر، فتدبر واعتبر إن كنت من ذوي الاعتبار.
  فإذا أَحَطْتَ عِلْماً بذلك، وعقلت عن الله وعن رسوله ما ألزمك في تلك المسالك، عَلِمْتَ أنه يتحتّم عليكَ عِرْفَانُ الحقّ واتّباعه، وموالاة أهله، والكون معهم، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ١١٩}[التوبة: ١١٩].
  ومفارقة الباطل وأتباعه، ومباينتهم {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}