التحف شرح الزلف،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

بحث مفيد هذا البحث مفيد لمن ألقى السمع وهو شهيد

صفحة 439 - الجزء 1

  قول علماء الأمّة المحمدية من: زيدية، وشافعية، وحنفية، ومالكية، وحنبلية، وذلك المنصب هو قريش، لما ورد من الأخبار النبوية: «الأئمة من قريش»، وإنما الاختلاف أهو قريش عامة أم أبناء الحسنين خاصة، فظهر أن القول بأنّها في منصب مخصوص هو إجماع الأمة، ولهذا سلّمت الأنصار لقريش لما احتجّوا عليهم بذلك، وانقادت لهم العرب والعجم قاطبة، وعملت الأمة عليه بلا نزاع، حتى ظهرت الخوارج المارقة من الدين.

  فإن كان القول بالمنصب اسْتِبْدَاداً، فقد ضلّت الأمة وحاشاها، فما ذنب آل رسول الله ÷ إذاً، ولهم على القول بأنها فيهم براهين معلومة، كخبر الثقلين وغيره مما لا يسعه المقام، فإن المتمَسَّكَ به لا يكون تابعاً لغيره، وهي مبسوطة في مواضعها، ولكن هؤلاء لا يعرّجون على دلالة، ولا يلتفتون إلى كتاب ولا سنة، وإنما يأخذون تعاليمهم من القوانين الكفرية، فما بقي الخلاف إلا في كونها في عموم قريش، أم في آل رسول الله ÷ خاصة، ولا تعلّق لهم بذلك، مهما انقادوا لحكم الله تعالى وحكم رسوله ÷: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ}⁣[المائدة: ٥٠]، {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ}⁣[القصص: ٦٨].

  ومع هذا فأهل البيت يعاملون مَنْ تولّى من غيرهم، وسار بالعدل وأقام أحكام الشريعة أحسن المعاملة، كعمر بن عبد العزيز، وإنما يجاهدون من جَارَ وظَلَمَ المسلمين، هذه سيرتهم من عهد أمير المؤمنين #، فمسألة المنصب عندهم استدلالية، وليست من ضروريّات الدين.

  وأما الشورى، فالمقصود بها مشاورة أهل الحلّ والعقد، فيما لم يكن حكمه متقرّراً في الكتاب والسنة، أما ما كان كذلك فلا شورى فيه، {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ٣٦}⁣[الأحزاب: ٣٦]، وقد استوفينا الأدلة في هذا في