مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

كتاب التنبيه والدلائل

صفحة 59 - الجزء 1

  ثم عرض لأحدهما مرض وهّنه عن الصيام، ومنعه من القيام، فلم يعد يقدر على صلاته إلا قاعدا، فأقام في علته سنة أو أقل أو أكثر، وأقام أخوه المؤمن على رسمه في الصحة، لا يحزم من عمله شيئا، أفتقولون: الصحيح السليم المستطيع الذي لم يزل يصلي قائما، أفضل من الممتحن الذي لم يحز لنفسه ما أصابه؟! أم تقولون: هما عند اللّه سواء؟! فإن قلتم: هما عند اللّه سواء نجوتم، ولزمكم ألا تفضلوا قائما على قاعد، ولا قاعدا على قائم، وإن قلتم:

  الصحيح المستطيع أفضل، نسبتم الجور إلى من منعه من العمل، وهما لو كانا على ما وصفنا من الطاعة والعمل، ثم قبض اللّه أحدهما وهذا أقطع عن العمل جملة، ثم أحيا الآخر بعده سنة أو أقل أو أكثر، ثم قبضه، لكانا في إجماع الأمة سواء في الثواب عند اللّه. فهذا الوجه الثالث وهو اعتقادكم إن شاء اللّه.

  أو تقولوا: القائم أولى بالإمامة من القاعد، فإذا قلتم ذلك، فلا بد أيضا من النظر في أمر القائم، فإذا كان قيامه على غير استقامة، فلا يستحق الإمامة، والقاعد العالم المكتفي الذي ليس فيه شروط الإمامة أفضل منه، فضلا عن القاعد الكامل المضطر إلى القعود، فهذا وجه أنتم تعرفونه ولا تنكرونه، فلذلك اختصرت فيه. فهذا الوجه الرابع ولا اختلاف فيه.

  أو تقولوا: هي للفاضل دون المفضول، فإذا قلتم هذا فقد قلتم صوابا من القول لا اختلاف فيه، وباللّه نستعين على ما يرضيه، فهذا الوجه الخامس لا اختلاف بين الشيعة والعترة فيه.

  أو تقولوا: هي للمفضول دون الفاضل، واللّه يعيذكم من هذا القول أن تقولوه، إلا عند عدم الفاضل، فإذا عدم الفاضل فالمفضول إمام، ومحطتنا