مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

كتاب التنبيه والدلائل

صفحة 60 - الجزء 1

  على العترة والأئمة يتفاضلون، والأنبياء À يتفاضلون، وهم أرفع درجة عند اللّه من الأئمة، واللّه يقول عز من قائل: {وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً ٥٥}⁣[الإسراء: ٥٥]. فإذا كان أنبياء اللّه سبحانه $ يتفاضلون فالأئمة أعذر، وليس التفاضل بالفرائض، لو قصر عن بعض الفرائض نبي أو إمام لبطل عمله كله، ولما استحق مقام الصديقين، عليهم صلوات رب العالمين، وإنما التفاضل بالنوافل، فمستكثر منها ومستقل، فمن استكثر فضل، ومن استقل فضل، فافهموا رحمكم اللّه هذا القول، واعملوا فيه النظر تنجوا بحول اللّه، ولا تفتتنوا، ولا تخرجوا المفضول من الإمامة، فقد أخبرت أن منكم من يخرج المفضول من الإمامة، ويحله محل الجاهلين من العامة، وبهذا الرأي ومثله هلك الأولون والآخرون، فجعلنا اللّه وإياكم من الناجين، وبحبله المتين من المتمسكين.

  واعلموا أن القاعد الذي يفضله القائم، إنما هو الرجل من آل رسول اللّه ÷ يكون من العلم والورع والديانة بمحل يفوق فيه من سواه، ولا تكامل فيه شروط الإمامة، فهذا المقتصد من آل رسول اللّه ~ وآله وسلامه، يتعلم منه ويقتدى به، ويكون مفضولا يفضله القائم الكامل، والقاعد الكامل المضطر إلى القعود، لأن القاعد لعدم الأعوان، والقائم بإمكان عند من أنصف نفسه سيّان.

  ومن الدليل على ما ذكرت لكم: أن علي بن أبي طالب ~ قعد بعد رسول اللّه ÷، ثم قام بعد ما قعد إلى أن توفي، وكذلك الحسن # قعد وقتا وقام وقتا، وقعد بعد ذلك إلى أن