مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

كتاب التنبيه والدلائل

صفحة 61 - الجزء 1

  توفي رحمة اللّه عليه وبركاته، أفتقولون: كان قعود علي بعد النبي ÷ اختيارا أم اضطرارا؟! وكذلك الحسن في قيامه وقعوده، فإن قلتم: قعد اضطرارا وأصدقتم، ووجدتم قعود الكامل بعد الضرورة لا يضره، ووجدتم قيام القائم إنما هو بمقدرة، فإذا كان كذلك، فالقائم والقاعد في المنزلة بالسوية، إلا أن تكون نافلة كما ذكرت لكم في كتابي هذا.

  وإن قلتم: كانا في وقت قيامهما أفضل منهما في وقت قعودهما، فقد جعلتم في قولكم حتما لهما بالأدنى من حاليهما، ويجب إذا كان الأمر كذلك أن يكون الحسين بن علي، وزيد بن علي بن الحسين، ومحمد وإبراهيم أبناء عبد اللّه بن الحسن، والحسين بن علي بن الحسن، والذين قتلوا وهم في قيامهم أفضل من علي وابنه الحسن @.

  فإن قلتم: ليس هذا الحال أردنا، ولا من تفاضل القائم والقاعد قصدنا، خاصة في علي والحسن والحسين $، لأن رسول اللّه ~ وآله وسلامه قد حكم «للحسن والحسين بالإمامة قاما أو قعدا»، وقال ÷: «وأبوهما خير منهما». يريد: أفضل منهما، فنحن قد تبعنا قول الرسول # ففضلنا عليا كما فضله الرسول ~ وآله وسلامه، ولم نفضل الحسن على الحسين، ولا الحسين على الحسن، لأن الرسول ~ قد جعلهما في الفضيلة بمنزلة واحدة، ولم يجعل فيها القائم أفضل من القاعد، ولا القاعد أفضل من القائم، وإنما أردنا من قام من ذريتهما وقعد بعدهما، فإذا قلتم هذا، فقد أنصفتم أنفسكم من أنفسكم، ويلزمكم بعد هذا الخطب أحد أمرين: