مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

[مسائل علي بن خراش]

صفحة 205 - الجزء 1

  الْمُخْلَصِينَ ٤٠}⁣[الحجر: ٤٢ - ٣٩ - ٤٠](⁣١). فكيف كان سلطانه على آدم وزوجته، وعلى أيوب إذ يقول: {مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ ٤١}⁣[ص: ٤١]؟

  الجواب: اعلم أن اللّه لم يجعل لذي ظلم قدرة على ظلمه، ولم يأمر بظلم أحد من خلقه، تعالى عن ذلك ربنا وتقدس، ولكن اللعين إبليس أول من عصى اللّه جل اسمه، فلما تبين له فعله، علم أن اللّه يعاقبه عليه، وكان عدو اللّه يعرف من قدرة اللّه عليه ما يجهله اليوم كثير من هذه الأمة، ومن ولد آدم، فقال اللعين خوفا من تعجيل عذابه، على ما كان من عصيانه: {أَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ١٤}⁣[الأعراف: ١٤]. فأنظره اللّه جل اسمه، ولو كان ذلك تقديرا من اللّه لما عذبه اللّه بما قدر له، ولا طلب النظرة بالعذاب إلى مدة، ولكن اللعين فعل ما فعل اختيارا منه للمعصية، وهو عارف بما يجب عليه، وكل مطيع فهو يطيع اختيارا منه، لما يعلم في الطاعة من الثواب له، لأن اللّه سبحانه وتعالى لم يعص مغلوبا، ولم يطعه من أطاعه مكرها، فليس لإبليس اللعين سلطان إلا على من اتبعه من الغاوين. فأما ما نال من آدم #، فإنما نال ذلك حين الغفلة والنسيان، وكل ما ينال من حزبه، فذلك عند العمد والعصيان، وبذلك أخبر اللّه جل اسمه، فقال: {وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى


(١) يوجد هنا التباس.