مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

[مسائل علي بن خراش]

صفحة 206 - الجزء 1

  آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً ١١٥}⁣[طه: ١١٥]، يقول: على افتقاده لنفسه من الغفلة والسهو.

  وأما قوله: {إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ٤٠}⁣[الحجر: ٤٠]. فهذا استثناء من اللعين، ويأسا منه ألا يتبعه المطيعون، ولعمري ما اتبعه آدم! ولا يتوهم ذلك مؤمن، بل نفى اللّه ذلك عنه، وكذلك أيوب فقد ذكر عنه صو: أنه كان رجلا كريما كثير الضيفان، وكانت زوجته تقوم بمن يضيف وتعتابهم، فأتى اللعين على حين سهو من أيوب صو، وغفلة ونسيان، وكذب على زوجته، وقال: إنها قد ضيعت القيام بضيفانه، فشق على نبي اللّه #، لمكان كرمه ومروءته، فخاصمها وحلف لها بالضرب، فلما أنكرت ذلك وتبيّن غير ما قيل له، وبعد أن نصب وتعذّب بما ناله من الغيظ والحزن، علم عند ذلك أن الذي كاده الشيطان، وأنه أراد به الخروج من حد الإيمان، فقال عند ذلك: {أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ ٤١}⁣[ص: ٤١]. لإبانه بحال يناله به من اللّه نصب وعذاب، فاستجاب اللّه منه، وبعّده من المرض والحنث، إذ قال: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ}⁣[ص: ٤٤]. فالشيطان لا قدرة له على أولياء اللّه، إلا عندما لا يخلو البشر منه من السهو والغفلة، وقلّ ذلك في أولياء اللّه جل اسمه.

  وأما أعداء اللّه فهم حزبه وجنده، وهو يدعوهم ليلا ونهارا، وهم يجيبونه إسراعا وبدارا، فبعدا له ولأتباعه، ونعوذ باللّه منه ومن أشياعه، ونسأله العون على طاعته بغفرانه.