[عهد القاسم لأهل ولايته]
  ومما يدل أيضا على ما يخفي المرء: لسانه، فاحفظ لسانك ما استطعت، فإن اللسان يؤدي ما في القلب كما تؤدي الأرض نباتها، وقد قال بعض الشعراء:
  وإن لسان المرء ما يكن له ... زمام على عوراته لدليل
  فاحذر يا بني من قول يدل على ظهيرك، ويعرف بما في نفسك، وتوقّ من الأصحاب من يشنعك صحبته، وتضعك مقارنته، ولربما أراد ذلك مع قبح القالة في الدنيا والآخرة، وفي ذلك يقول اللّه وقوله الحق فيمن يجير(١) في يوم القيامة: {يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا ٢٨}[الفرقان: ٢٨] الآية، وقال ø: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ٦٧}[الزخرف: ٦٧].
  يا بني فبالمتقين فتمسك، ولآثارهم فاسلك، فإن ذلك زين لك في حياتك، ونجاة لك بعد وفاتك، ولن يدلك المتقي إلا على التقية، ولن يأمرك إلا بالأفعال المرضية، ومن كان كذلك حسنت صحبته، وجملت مقارنته، ونسبت الحكمة إلى من داناه، ونظره بعين الوقار من يراه، وقد قال النبي صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم: «الناس في أشكالهم أميل»، وقال صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم: «من عرف بالحكمة نظرته العيون بالوقار».
(١) كذا في السيرة، ولعلها: تحيّر.