مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

[عهد القاسم لأهل ولايته]

صفحة 356 - الجزء 1

  قال تعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ}⁣[العنكبوت: ٤٥].

  يا بني ابدأ بنفسك فاهدها من الدنس، وابعد من أهل الأدناس، فإذا قهرت نفسك، وكنت لها غالبا عما تدعوك إليه من المضار، فحقف⁣(⁣١) وأيقن أنك مستغلب من نويت غلبته من عدو تدرأ⁣(⁣٢) عنك شره، أو فعل يحسن⁣(⁣٣) بك ذكره، أو ناء يمل بساجره، وأنت مع ذلك فمنوط بالناس ومحتاج لكفاءتهم، غير مأمون عليك من مضارهم، ولكل منهم منزله وباب يدخل منه، فالعالم يحتاج لعلمه، ولن تنله منه إلا بتقريبه والاتصال به، والإصغاء لقوله، والتعظيم لقدره، والإيجاب لحقه.

  وكذلك أهل البصائر بالأعمال الدنيائية⁣(⁣٤)، فأنزل كلا منهم منزلته، لحاجته إلى دلالتهم على ما يعرفون، فإن كنت المريد لمعرفة ما عرفوا نلت ذلك منهم، وإن لم ترد ذلك لنفسك عرفت منه ما يعمل لك العاملون، فلم يجر عليك ما يجري⁣(⁣٥) على الجاهلين بالأشياء، فيما لا غنى لك به عنه من الصنائع الدنيائية.


(١) في السيرة: فحق. ولعل الصواب ما أثبت.

(٢) في السيرة: وتدرأ. والصواب ما أثبت.

(٣) في السيرة: يحبس. ولعل الصواب ما أثبت.

(٤) الدنيائية: نسبة إلى الدنيا.

(٥) في السيرة: يجر. والصواب ما أثبت.