مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

[عهد القاسم لأهل ولايته]

صفحة 358 - الجزء 1

  وإن كنت سلطانا فحاجة السلاطين، إلى السلاطين، كحاجة الظمآن إلى الماء، والأرض إلى دارّة السماء، فإياك أن تعادي سلطانا ولو ضعف سلطانه، وتباديه ولو بانت مظلمته.

  يا بني لا تكن عنه بمعزل، ولا لن تأمن مع ذلك ضره، وادرأ مكروهه بجميل توليه، أو كرم يغلبه، ونفع السلاطين بقدر⁣(⁣١) ضرهم، ولهم في ذلك ما ليس لغيرهم، وجملة الناس عائدون إليهم، إما لخير لديهم، وإما لشر يخشى منهم، فانظرهم بهذه العين تسلم وتنل من خيرهم، واحذر أن يجد أحد منهم إليك سبيلا، وتنسب إلى مكروهك، وعلّق مسألتك من يتوسل بهم إلى ذاتك، حتى لا يجدوا عليك معتبا، ولا على مرادهم فيك، فإنك إذا يظفر مرادك⁣(⁣٢)، وتقرب من محبوبك، بمن اللّه وعونه.

  وأما أعوان السلاطين فلك منهم حذو، إذ كنت سلطانا فأنت تحتاج لصلاحهم، وتستعين بسلطنتك عليهم أو بهم، فابسط لأوليائك جميلك، ووسّع لهم خلقك، وقرّبهم بجهدك، فلا غنى لك عنهم⁣(⁣٣).

  وأما عامة الناس ومسكنتهم فآتهم حقهم وصونهم، فالواجب عليك صيانتهم، فاعلم أنك الفقير إلى دعائهم وثنائهم، وثواب اللّه فيهم، فتسبّب لذلك بجهدك يا بني، وأفضل ما تسمى به نفسك، وتشهرك به من عدوك،


(١) في السيرة: يقدر. ولعل الصواب ما أثبت.

(٢) في السيرة: يظفر إذ ذلك مرادك. ولعل الصواب ما أثبت.

(٣) في السيرة: بهم. ولعل الصواب ما أثبت.