[كتابه إلى يوسف بن يحيى بن الناصر]
  وأتاني من حضره مشهورة القوم منهم يريد ومتنصحا لما كان من رأيهم، فأنفذت علي بن يحيى بن عبد اللّه الرسي على بجاوي مفردا بالبدار إلى جعفر، فوصل الشريف والناس طردون وإياهم بما ذكرت، ورأوا من ابن سلمة المكيدة من المدافعة عمن أغار من أصحابه والعصبية لهم ما أوجب ما ذكر، ثم تظاهرت الأخبار واشتبه الأمر، فلما كان ذلك أمرت بهدم القلعة ولم يكن لمن بدت مكيدته عهد ولا ذمة، وقد قتل الحسين بن علي # أسيره بعد أمانه لما همّ بقتله، ولم يجعل اللّه العهود إلا لمن استقام والتزم بها، قال اللّه: {إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ}[التوبة: ٧]، فلم يجعل اللّه الاستقامة إلا لمن استقام.
  وأما قولك: إني عاملت الأمير عيسى بن جعفر وأعطيته سبعين عهدا ثم غدرت به، فليس ذلك كما ذكرت، لم أكن بالحجاز أميرا يعاملني عيسى، إنما كنت رجلا مطيعا أفد إلى عيسى وأنا مريده، فلما طلبه السلطان إخطاري بذلت نفسي معه للمكروه، أناسا من الحياة لما أولاني، فلما همّ السلطان بالقبض عليّ تلطف في الحال حتى حاجني، فلما صرت إلى الحجاز عدت إليه زائرا، فبدا في الحال أن السلطان لم يذرني له إلا بضمان إليه، فحققت أنه لم يضمن ذلك الضمان إلا ضرورة، فرأيت أن أبعد نفسي عنه ولا أعرضها لما يشيعه ويهلكني، وحرى بعد التحيير وحبسه خشي فيها أن يكون مني مكروه إليه، فإن كان ذكر ما ذكرت فحال أن لا اطلاع في هذه