مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

كتاب التنبيه والدلائل

صفحة 87 - الجزء 1

   الحمد للّه الكائن بلا تكوين، الصانع بلا معين، وارث الخلق أجمعين، وجامعهم ليوم الدين، أحمده على تظاهر نعمه، وأشكره على ترادف إحسانه ومننه، وأشهد ألا اللّه إلا اللّه وحده لا شريك له، شهادة ألزمها العقول، ودل عليها الرسول، وصدع بها التنزيل، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المصطفى، وأمينه المرتضى، ختم به الأنبياء، وأوضح به الهدى، وقهر به العندا، فبلّغ ~ وآله وسلم ما ندب إليه، وصبر محتسبا لما وعد الثواب عليه، حتى قهر العرب بأسرها، وردها جميعا عن كفرها، بتأييد اللّه وعونه، وبذلك أخبر اللّه جل اسمه، فقال عز من قائل: {هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ ٦٢ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ}⁣[الأنفال: ٦٢ - ٦٣]. ثم خص اللّه تبارك اسمه، وليّه أمير المؤمنين بنعمة بان فضلها عليه، وانقاد شرفها إليه، فجعله عونا لنبيه صلى اللّه عليه، وخازنا لعلمه، وأمينا على سره، وزماما لحربه، ومطيعا لأمره، وقاهر لأعدائه، فكان رحمة اللّه عليه لا يتكعكع عن قرن لاقاه، ولا ينثني عن مبارز إن باداه، حتى وطئ أثباج جحاجح المشركين، وقهر بعون اللّه جميع المخالفين، فعليه صلوات رب العالمين، وعلى ابنيه الطاهرين، سليلي البتول، وحبيبي الرسول، الذين تظاهرت الأخبار بفضلهما، وأجمعت الأمة على إمامتهما، ورحمة اللّه ورضوانه عليهما، وعلى من احتذى بحذوهما من ذريتهما الطاهرين، ثم أقول من بعد الحمد للّه والثناء عليه، والصلاة على محمد صلى اللّه عليه وعلى اللّه أجمعين، أما بعد: