كتاب التنبيه والدلائل
  غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ}[الأنفال: ٤١] يجمع جميع الأشياء مما سميت ومما لم نسم مما هو شيء. فاعلم ذلك وتصوّره تلق رشدا إن شاء اللّه.
  وأما الوجه الثالث وهو وجه الاستحباب، فهو: وجه لا يشك فيه أهل الفضل، ولا يمتري فيه أهل العقل، وهو باب يفعله أهل الاستحاطة والديانة في أموالهم، ولا يلزمونه العالم في أحكامهم، وأهل البيت مجمعون أن الاحتياط أولى بالفضل، وأسبق إلى العقل، إلا أن من جعل اللّه له من أهل هذا البيت الإمامة، وقلّده أحكام العامة، ليس له أن يجبر أحدا إلا على ما أجمعت الأمة على أخذه من الأموال، أخماسا كان ذلك أو زكوات، لأن الواجب غير المستحب، وقد حدثني عبد اللّه بن المحنار، عن أحمد بن أبي العشيرة، أن الطبرية الذين كانوا مع الإمام كانوا يحطبون ويعملون الطين، وما كان مثل هذه الأشياء ويؤدون خمس مكاسبهم اختيارا منهم على غير طلبة كان يطلبها منهم، وهذا تصديق لقولي في الاستحباب، ولو كان ذلك إيجابا، لطالبهم به الإمام أشد مطالبة، وطالب به من كان سواهم، فقد كان بصعدة ممن يصنع هذه الصنعة خلق كثير، ما علم أن الإمام ألزم أحدا منهم خمسا فيما كان يكسب، وهذا الجواب فيما كان من رسالتك يا أخي، فإذا كان الأمر يا أخانا وجماعة إخواننا عندكم كالذي هو عندنا، أخذنا خمسكم الواجب والمستحب، وكان فعله وأخذه حلالا لنا ولكم، وإذا لم يكن كذلك فوجدنا بفراقكم، أعظم هما علينا من نوالكم، واللّه نسأله التوفيق لنا ولكم، وهذه وجوه الخمس ومعانيه عندنا، والذي يرويه آخر عن أول من سلفنا، وربنا المحمود على كل حال، ونسقت أسماء أصحاب الخمس من بني