مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

كتاب التنبيه والدلائل

صفحة 98 - الجزء 1

  قال أبي رحمة اللّه عليه: وكان محمد بن القاسم ~ قد باع من اللّه نفسه، فخرج إلى الحيرة هو وأخوه سليمان بن القاسم، فنزل على أشهب بن ربيعة صاحب المعدن، فبايعه وأخذ له بيعة كثيرة، وكانت له بيعة باليمن، وأخذ له ابن الجوزي بيعة بمصر، وكتب إليه وهو بالحجاز يخبره بمن بايع له وبكثرة أنصاره، فلم ير ~ التحلف بعد ما اتصل به من علم ذلك ما اتصل، فخرج إلى مصر حتى كان بالعويبد، ثم ورد عليه كتاب ابن الجوزي يخبره فيه أن جيوش بني العباس قد ضبطت البلد، وأن كل من كان بايعه قد ذهب ونكث ببيعته، ولم يكن | صحبه من الحجاز إلا شرذمة تقل عن مكاحفة العساكر، من ولد الحسن والحسين وجعفر وعقيل، وجماعة من قريش فيهم عبد الرحمن بن إبراهيم العامري، ونفر من العرب يسير، فكره ~ أن يلقي بشرذمة من المؤمنين قليلة إلى التهلكة، ولم ير في دينه صلوات اللّه [عليه] أن يحملهم على السيف، وقد تقرر عنده ما تقرر، فردهم تقية فيهم حين علم قلة حداهم وكثرة عدوهم، ونكث أهل العهد لبيعتهم، فرجع عند ذلك غير مختار للرجوع، بل راجع وهو مجد غير متوان، دعاته في جميع البلدان، وكانت له بيعة بطبرستان، وكانت له بيعة بكرمان، وكان ~ حريصا مجتهدا على القيام غير متوان ولا مقصر. ألا تسمعون لمخاطبته لأخيه سليمان بن القاسم في شعره الذي يقول فيه:

  فصبرا جميلا يا سليمان وانتظر ... فكم من رجاء عاد ثم أمانيا

  ثم يقول في هذه القصيدة البيت الذي يستشهد به على دعوته.