كتاب التنبيه والدلائل
  يحتم بذلك عليهم قبل تحذيره إياهم. والدليل على ذلك قول سبحانه: {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ}[الأنفال: ٦٧]. والآخرة فقد عرّفنا اللّه جل اسمه ما هي، فلم نجد فيما عرّفنا به إلا الجنة والنار، فوجدنا اللّه حين أرادهما قد حتم بكونهما، فكانتا كما حتم يغيرهما فكان، وجعل سبيلهما سبيل الأشياء المكونة.
  وأما أفعال العباد، فإرادات منهم بعد التعريف بالسبيلين، والوعيد والميعاد على العملين، وقال اللّه ø: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}[البقرة: ١٨٥]، والمعنى: يريد اللّه بكم اليسر ولا يريد لكم العسر، فوجدنا إرادة اللّه هاهنا محتومة، إذ كانت تركيب الاستطاعات التي تولى اللّه كونها، الخطب يا أخي - أرشدك اللّه - يتسع في هذه المسألة، وقد تكلّم فيها فأكثر، وقد سمعت ما قال الإمام الهادي إلى الحق #، وهو قول حسن التأويل، وأي القولين تعلقت به إن شاء اللّه فليس يؤديك إلى ضلال، مع أني لا أشك أن مراده # بمعنى إرادة اللّه سبحانه على ما وصفت، إلا أن الغالب على أئمتنا $ مداخلة الكلام بعضه في بعض، فتدق المعاني عند مثل ذلك على أكثر الناس. واعلم أنه لما ذكرت في كتاب اللّه سبحانه دلائل منيرة، اجتزيت بقليل ما ذكرت منها عن كثيره، وفيه ما كفى من كان ذا عقل وحجا.
  و [سألت] عن الوقف الذي لا يجوز فيه بيع ولا شراء؟