مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

كتاب التنبيه والدلائل

صفحة 117 - الجزء 1

  الجواب: اعلم يا أخي أن مسألتك هذه قد هلك فيها أكثر الأمة، وقد كنت لما واجهت بين الناس من الخلف في ذلك، قد أردت أن أفرد له حكومة يعمل بها من وفقه اللّه لطاعته، أو يفصل بها بين من اختلف من بريته، ثم أنا أجعل ذلك جوابا لمسألتك، وأجتزي بذلك عن الإفراد له، فيكون أول ما يذكر بحول اللّه وقوته الموقفين بأسمائهم وأفعالهم، حتى يعرف كل واحد منهم بفعله، فيعلم أن منهم من أوقف ما تصدق به ديانة يطلب بها وجه اللّه والدار الآخرة، وذلك بيّن لناظره. ومنهم من أوقف ما تصدق به ضنانة، يريد ألا يخرج ماله من أيدي ورثته إذا دعتهم الحاجة إلى بيعه. ومنهم من أوقف ما تصدقه خيانة، ولم يأت فيها فعل ديانة. ومنهم من وقف مالا يملك فطمع أن يثاب على ذلك، فهؤلاء الموقفون أربعة لا خامس لهم، ولا بد من تفريع ما ذكرت لك من أصولهم، وإثبات ما يجب من ذلك عليهم، ليعلم منه ما يحل وما يحرم، وما يجوز وما لا يجوز.

  فأول ذلك أن أذكر من بدأت بذكره، وهو الموقف ديانة، وذلك مثل رجل له مال حلال، كسبه من حيث يرضى اللّه، وأوقفه في سبل الخير التي تقرب إلى اللّه، ويرجى بها ثوابه، وذلك أن يكون خيل وقفه في سبيل اللّه، ومعونة للمجاهدين لأعداء اللّه، فإن كان فعل ذلك فقد أصاب أعظم الأمور ثوابا عند اللّه، ولمن جعل إليه ذلك الوقف أن يصرفه إلى أئمة الحق، فإن عدم قيامهم رد غلات ذلك الوقف في مصالحه وتزيد بها فيه، فإن لم يكن يحتاج لنفقة ولا إلى عمارة، اشترى بتلك الغلات ما يجريه مجرى الأمهات، وأقام