كتاب التنبيه والدلائل
  بذلك المكاتب والبينات، ليعلم أن سبيله سبيل الأمهات المحرمات، إلا ممن جعلن له موقّفات.
  وإن كان أوقف ذلك للحج به إلى بيت اللّه، أو يهدى به الهدايا إليه، وتبين فيمن يكون عنده من الضعفة ولديه، جاز ذلك فيما صرفه إليه. وإن كان أوقف ذلك على فقراء موضع من المواضع بعينه، فهو لهم ولا يعدل أبدا إلى سواهم. وإن كان جعله لجملة الفقراء والمساكين ولم يخص به أحدا بعينه، فهو لكل من سكن وافتقر. وإن كان لم يذكر ولده أو أحدا من قرابته، ثم بلغ بهم الحال إلى الفقر والمسكنة، فهم أحق بوقفه ما بقوا في ذلك الحال.
  وإن كان أوقف ماله على نفر بأسمائهم، ولم يذكر الوقف إلى من يرجع بعدهم، فهو راجع على أولادهم، وكذلك الواحد كالجماعة في أحكامهم.
  وإن كان جعله في وجوه البر ولم يفصل ذلك بعضه من بعض عدل إلى أحق الوجوه، وأعودها صلاحا على الأمة، وذلك الجهاد، فإن لم يكن إمام صرف إلى الفقراء والمساكين وأصلح به شأنهم، وإن كان له ولد فهم أحق به عندما يحتاجون، وإن كان جعل ذلك لسقي الماء في المواطن المحمودة أنفذ أمره، وإلى أي وجه صرف ماله من وجوه الخير جاز فعله، فمن أوقف على هذا السبيل الذي ذكرت، فلا يجوز بيع وقفه ولا هبته، وهو أصح الوقوف وأفضلها، فمن لم يكن وقفه على هذا السبيل، فلم يرد به وجه للّه الجليل فاعلم.
  وأما الموقف الضنين، فهو في ذلك غير معاقب عند رب العالمين، وذلك: مثل رجل له مال حلال، فخاف إن توفي ولم يوقف ذلك المال أن