مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

كتاب التنبيه والدلائل

صفحة 122 - الجزء 1

  التفرقات من ذلك، فإن لم يقم لورثة البنات بينات لم يحكم لهم، لأنه لا يدرى أجاز ذلك أمهاتهم أم لا؟ والميت لا يصح له ولا عليه دعوى إلا ببينة، فاعلم، وليس للحاكم أن يطلب من بني البنين بينة، لأن الشيء في أيديهم، وليس هذه الحكومة كالتي قبلها، لأن تلك بين قوم أحياء، كلهم قائم على حقه، وهؤلاء يطلبون لأموات، وبين ذلك فرق عند من يعرف الحكومات.

  فإذا اختلف أصحاب هذا الوقف فقال بعضهم: هو وقف محرم، وقال بعضهم: بل مطلق مسلم، طالب الحاكم بالبينة المقر بالوقف، لأن مدعي الوقف أحراهما بأن يكون عنده كتاب الوقف، فإن أحضر كتاب الوقف وشهوده، كان الواجب عليهم أن يلزموا ما في كتابهم على رسوم ما ذكرت، وإن لم يقم المقرّون بالوقف بينة كان لمن أنكر الوقف حقه يفعل فيه ما بدا له، وكان حق من أقر بالوقف وقفا لإقراره بذلك، ولم يسعهم أن يعدلوا بحقوقهم عن طرق الوقف.

  وإن اختلفوا في شيء قد أتت الأزمنة من دونه حملوا على ما وجدوا عليه من قبلهم، وما جرت به رسوم ما في أيديهم، ففعلوا فعلهم، فإن تجاحدوا فعل من قبلهم، وأنكروا رسوم ما في أيديهم، انحل ما معهم، ولم تغن فيه الحكايات، وصرفوه إلى ما أحبوا، واصطلحوا فيه على ما تراضوا، وكذلك الكتب العتق فلا يحكم بها إذا عدم شهودها، وذلك أنه ربما كتب الرجل الكتاب وأشهد عليه، ثم بدا له لعلة من العلل، وربما زوّر على الرجل الكتاب، وزوّر على الشهود الخطوط، ثم لم تظهر الكتب إلا بعد موت الجميع، فلو جاز ذلك لما عدم الناس في كل يوم يكون فيه ذلك من يقوم