كتاب التنبيه والدلائل
  إلى قوله في الخامس وهو الذي سأل عنه السائل: «وإن التقلب بالأموال في التجارات والمكاسب في وقت ما تعطل فيه الأحكام، وينتهب ما جعل اللّه للأرامل والأيتام، والمكافيف والزّمنى، وسائر الضعفاء، ليس من الحل والإطلاق كمثله في وقت ولي العدل والإحسان، والقائم بحدود الرحمن»، وما أراد بهذا القاسم #؟ وهل يجب للمسلم في وقتنا هذا أن يجتنب البيع والشراء، وهو يعلم أن أهل هذا الزمان يعاملون بالربا ويغلون الزكاة؟
  الجواب: اعلم يا أخي - وفقك اللّه - لما يرضيه، أن الذي ذكر القاسم # من انتهاب الأموال ليس بأصل ولا فرع لدين اللّه سبحانه. ألا ترى إلى قوله: «ليس من الحل والإطلاق كمثله في وقت ولي العدل والإحسان». وما لم يكن من الحل المطلق، فليس من الأصول التي بها يتعلق، وإنما مراده # أن هذا الأصل الخامس ليس من الحل والإطلاق كمثله في زمان ولي العدل والإحسان، والقائم بحدود الرحمن، يعرف من كان ذا عقل وحجا أن هذه الأشياء لا تحل على حقيقة الحل إلا في زمان هذا الأمين، الذي هو أصل من أصول الدين، ولا يكون ذلك الزمان كزمان الجهلة المتحيرين، فكل ما نال المسلم في زمان الجهلة من المكاسب، فإنما يحل عند الضرورة لا بالواجب، فكلما نيل في زمان أئمة الحق من المطالب، فذلك الحلال الواجب، فاعلم ذلك وقيت جميع النوائب.
  وقلت: هل يجب للمسلم أن يجتنب البيع والشراء في وقتنا هذا، لما يعلم من غلول الزكوات، والبيع بالربا في التجارات؟