كتاب التنبيه والدلائل
  واعلم علما يقينا أن كل ما في الأرض من محل أو محرم مختلط ملتبس اختلاطا لا يفصله إلا إمام بملك الإسلام، ولذلك ما أجرى القاسم عليه هذه المسألة، وربنا المحمود لا شرك له.
  و [سألت] عن رجل مسلم وجد في بيته فاسقا يفسق بحرمة من حرمه، أو خادمة من خدمه، وأمكنه قتله ولم يعلم أحد هل يجب عليه يؤدي إلى أوليائه، أو ما يكون عند اللّه في فعله؟
  الجواب: اعلم - وفقك اللّه - أن مسألتك هذه تعدل من ابتلى بمثلها عن الحق إن كتم، وتوجب القصاص أن أقر وسلّم، ولا خلاص لمؤمن إلا باتباع الحق، وشد الحجاب في زمان الفترة، يعني عن ارتكاب ما حرم اللّه سبحانه، فاعلم ذلك.
  و [سألت] عن مرة مسلمة عند فاسق ثم خرجت من عنده إلى المسلمين واستجارت بهم منه، هل يحل لهم أن يزوجوها وهم يقدرون على ذلك، ولم يطلقها وهو في عصرنا هذا؟
  الجواب: اعلم - وفقك اللّه - أن مرة الفاسق إذا كانت مسلمة، فليس يضيق عليها مشاقته، والبعد عنه، والاقتداء بكل ما قدرت عليه منه، ولا بأس بمعاونة المسلمين على ذلك، والدفع لجور الفاسق بما قدروا عليه. فأما زواجها فليس لها ولا لهم ذلك ما كانت في عقد نكاح، فإن أطاق المسلمون إيقافه والشدة عليه حتى يطلق، أو يتوب ويرجع إلى اللّه، فذلك واجب عليهم، وإن لم يطيقوا إلا إجازة هذه المرأة ومنع الفاسق منها، فذلك لهم.
  فأما زواجها فلا سبيل إليه بوجه من الوجوه، إلا بعد طلاقها وخروجها من