مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

كتاب التنبيه والدلائل

صفحة 128 - الجزء 1

  عدتها، فاعلم ذلك، ولا تقس أهل الملة بأهل الردة والشرك، فإن بين أحكامهم فرقا أبانه اللّه ورسوله للعباد، فنحمد اللّه ولي الفضل والرشاد.

  و [سألت] عن رجل حلف بطلاق مرته لا يشرب خمرا أبدا، ولا يدخل بيتا فيه خمر، ثم دخل بيتا فيه خمر ولم يعلم، هل يحنث أم لا؟

  الجواب: اعلم - وفقك اللّه لما يرضيه - إن كان هذا الحالف استثنى علمه، ودخل ولم يعلم، فلا حنث عليه، وإن كان حلف غير معتقد لثنوى، فقد حنث، وواجب عليه أن تطلق زوجته بواحدة، ويراجعها قبل خروجها من العدة إن شاء، أو بعد الخروج بنكاح جديد.

  و [سألت] عن رجل ظالم عنده دين لرجل مسلم ولم يعطه إياه وظلمه، وأمكن المسلم بذلك الظالم شيء هل يحل له أن يقتضي دينه من ذلك الشيء بغير علم الظالم؟

  الجواب: اعلم - وفقك اللّه - أن المسلم غير مأثوم فيما غل من رحل الظالم، إذا كان مثل ما أخذ له، وهو مع ذلك غادر فيما ولي للظالم، وليس الغدر من أخلاق الصالحين، ولو كان الظالم أخذ رحل المسلم بالعدوان، بلا مبايعة ولا معاملة، لأوجبنا للمسلم إذا قدر أن يعدو على الظالم، فيأخذ مثل الذي أخذ له، ولم يضق ذلك عليه، لأن اللّه قد أباح ذلك بلطفه، فقال سبحانه: {فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ}⁣[البقرة: ١٩٤]. وقال عز ذكره: {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما