كتاب التنبيه والدلائل
  عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ ٤١ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ}[الشورى: ٤١ - ٤٢].
  واعلم ثم اعلم أن جميع ما فيه الناس من الأمور أكثرها فاسد، وليس تكون الأشياء في وجوهها إلا بظهور ولي الحق، فانظروا في ما يقوم به صلاح دنياكم وآخرتكم، من قبل ظهور النقم، وحلول الندم، جعلنا اللّه وإياكم من الناجين برحمته.
  و [سألت] عن رجل كان فاسقا سارقا، ثم تاب هل تجزيه توبته، ولم يؤد إلى من سرق رحله، خوفا على نفسه منه؟
  الجواب: اعلم - أعانك اللّه على طاعته - أنه لا يصح توبة من ظلم إلا بأداء الظلامة، واعتقاد الأداء والعزيمة عليه، والتأدي مع ذلك، إلا أن يخاف جورا فلا بأس بالكتمان، حتى يرزقه اللّه أداء ما اعتقد أداه، وهو عند اللّه ناج مع اعتقاده، فاعلم ذلك أيها الأخ وفقك اللّه.
  و [سألت] عن رجل شرى سلعة بثمن كثير ضرورة إليها، ولم يكن ثمنها ذلك معه عند شرائه لها، هل يقبل قوله أم لا، وهل يجب له بذلك حكم حاكم؟
  الجواب: اعلم يا أخي أن كل مضطر إلى شراء سلعة، فإنما يضطره إلى شرائها حاجة تدعوه إليها، وسلطان يجبره عليها، فإن كان ذلك بجبر من سلطان، لم يلزمه شراء تلك السلعة، كان موسرا أو معسرا، وإن كانت دعته إلى شرائها حاجة لزمه الثمن، ولم يلتفت إلى دعواه، فإن إتمام بينة بالفلس أخذت السلعة من يده، وأدّب في شراء ما لا يملك ثمنه، وليس لمن