مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

كتاب التنبيه والدلائل

صفحة 138 - الجزء 1

  وسألنا أخونا محمد بن عبد الجبار البوساني الهمداني أحسن اللّه توفيقه، عن رجل طلق مرته واحتبست عنها الحيضة الثالثة، ثم جاءت بولد لأكثر من أربع سنين من بعد احتباس الحيض عنها؟

  الجواب: اعلم أن هذه المسلة تحمل على وجوه ثلاثة:

  أحدها: يستحيل ويجري مع ذلك مجرى الشبهة.

  والوجهان الآخران يصح أحدهما من طريق الجواز. والآخر من طريق المشاهدة.

  فأما الوجه الذي يصح من طريق المشاهدة، فذلك أن تكون هذه المرأة حين احتبست عنها الحيضة كان احتباسها لولد ترى شواهده النساء، ويوقنه بما يوجب اليقين، من ظهور بطن المرأة، والحركة من الولد في بعض الأوقات، وربو الثديين، وما لا يخفى عليهن من الحالات، التي جرّبن من العلامات، فإذا كان ذلك فقد صح ولد هذه المرأة، قصرت المدة بعد الستة الأشهر، أو طالت إلى الأربع سنوات، ولا تسمى حينئذ الحيضتان المتقدمتان حيضا، وأيقن أنهما كانتا استحاضة، لأنه يستحيل أن يجتمع حيض وولد معا، لأن اللّه سبحانه فرق بينهما.

  وأما الوجه الذي يصح من طريق الجواز، فأن يكون هذا الرجل راجع زوجته بعد مضي الحيضتين، فأقام يغدو عليها ويروح، فهذا يلزمه ولد هذه، ولا يسأل عن سبيله كيف كان، لقول النبي ÷: «الولد للفراش»، فإن ناكرها الزوج لزمه اللعان.