[رواية أخرى]
  عليه بأصحابي، وحللنا سراويله، فإذا بين فخذيه أنبوبة قصب فيها سمن، كلّما أجهده العطش مصّ منه شيئاً فيمسك رمقه، قال: فأخذناها وخرجنا وأغلقتُ الباب ورجعتُ إلى الرشيد فقال: اتركه ثلاثاً، ثم انظر ما حاله، فجئته بعد ثلاث فإذا هو ساجد ميت فرجعت إلى هارون فأخبرته، فقال: اذهب فأشهد عليه بعد أنْ تمدده وتسجيه.
  قال: [يعني الراوي] وكان معنا شاب له سمت، خفَّ لذلك الخادم حتى إذا انفرد الخادم على جانب المركب يريد الخلوة للحاجة، قصد به الفتى موضع جريه الماء وجذبه ثم دفعه ورمى بنفسه خلْفه، فمازال يغطُّه حتى غرق، فقلنا له وقد خرج إلى الأرض: ويلك يا عدو الله قتلتَ الرجل؟
  فقال: يا أعداء الله ألم تسمعوه يقول: أنا قتلتُ ابن رسول الله بالجوع والجهد، ثم لم تنكروا عليه؟ ويلي عليكم لو قدرتُ على قتلكم لقتلتكم.
[رواية أخرى]
  وأخبرني أبو هاشم ابن إسماعيل بن علي بن إبراهيم بن الحسن بن عبد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب عن حمزة بن القاسم عن أبيه عن علي بن إبراهيم، قال: تذاكرنا يوماً عند عمر بن فرج الرخجي(١) أمر يحيى بن عبدالله، فقال عمر بن فرج: حُدثنا عن مسرور الخادم قال: أُتي بيحيى وهارون بالرافقة وعنده عبدالله بن مصعب الزبيري، فقال الزبيري: يا هارون إنَّ هذا وإخوته قد أفسدوا علينا مدينتنا.
  فأقبل عليه يحيى فقال: ومن أنتم عافاك الله؟
(١) عمر بن فرح الرخجي: من أعيان الكتاب في أيام المأمون وإلى أيام المتوكل كان شديد الكره للعلويين. فهرس أخبار فخ.