أخبار فخ وخبر يحيى بن عبدالله (ع) وأخيه إدريس بن عبدالله (ع)،

أحمد بن سهل الرازي (المتوفى: 310 هـ)

[رواية أخرى]

صفحة 115 - الجزء 1

  فجرى بينهما من الحديث ما قد ذكرناه، حتى أنشد يحيى هارون الشعرين الذين قالهما الزبيري في محمد |، فاسودّ وجه الزبيري وتغّير وانتفى أن يكون قال من هذا شيئاً؛ فقال يحيى: يا أميرالمؤمنين إن كان صادقاً فليحلف بما أحلّفه؛ فأمره هارون أن يحلف.

  فقال له: قلْ برأني الله من حوله وقوته، ووكلني إلى حولي وقوتي، إنْ كنت قلت هاتين القصيدتين.

  قال: ايش هذه من الأمان؟ أنا أحلف بالله الذي لا إله إلا هو، وهو ويحلّفني بشيء ما أدري ما هو.

  فأمره الرشيد أن يحلف، فحلف، فما أتى عليه إلا ثلاثاً حتى مات، فأمر الرشيد أن يُدفن؛ فدُفن فانخسفَ القبر، ثم سوّي ثانية فانخسف القبر، ثم سوّي ثالثة فانخسف القبر، فأمر هارون أن تُضْرب عليه خَيْمة، فما زالت مضروبة على قبره.

  ثم دفع يحيى إلى مسرور، فكان يسأل عن خبره، فقال له يوماً: انظر ما يصنع؟ فنظر، فإذا هو يطبخ قدراً له عربية أو مدينّية، فوصف صفتها، فقال: نعم هذه قدرنا، فخذ غضارة واذهب إليه، فقل له: يقول لك أميرُ المؤمنين أَطْعِمْنا من قدرك، فأخذ القدر فأفرغها في الغضارة فجاء بها، فدعي هارون بالمائدة والخبز، فأكلها حتى جعل يلعق أصابعه، ثم قال: ارجع إليه فقل له زِدْنا، فقال مسرور: والله يا أمير المؤمنين ما خلَّف في القدر شيئاً، قال: فاذهب إليه فقل له: ليفرخ همّك وروعك فإنه لا بأس عليك، فرجعتُ إليه فأخبرته بما قال، فقال يحيى: وكيف يفرخ روعي وأنا أعلم أنه قاتلي؟ فرجعت إلى هارون، فقال: ما قال لك؟ فأخبرتُه، قال: فاذهب فضّيق عليه، فذهبت فجعلته في بيت ليس فيه طعام ولا شراب، ثم جئته بعد أيام فإذا هو في محرابه يصلي، فأخبرتُ هارون،