أخبار فخ وخبر يحيى بن عبدالله (ع) وأخيه إدريس بن عبدالله (ع)،

أحمد بن سهل الرازي (المتوفى: 310 هـ)

[رسالة إدريس إلى المغاربة]

صفحة 61 - الجزء 1

  فهذه دعوتي العادلة غير الجائرة، فمن أجابني فله مالي وعليه ما عليَّ، ومن أبى فحظَّه أخطأ، وَسَيرى ذلك عالم الغيب والشهادة إني لم أسفك له دماً، ولا استحللت له محرّماً ولا مالاً، وأستشهدك [يا] أكبر الشاهدين شهادة، وأستشهد جبريل وميكائيل أني أول من أجاب وأناب، فلبيك اللهم لبيك.

  اللهم مُزْجي السحاب، وهازم الأحزاب، مسّير الجبال سراباً بعد أن كانت صماً صلاباً، أسالك النصرَ لولد نبّيك إنك على ذلك قادر».

  قال: فخرج معه أهل نَفّوسه في ألفٍ حتى إذا بلغوا إلى شِلْفِ مدينة يقال لها: «مليانة» فلما دخلها أجابوه، وقال له أهل الرأي منهم: الرأي أن تحصن هذه المدينة فإنك إذا ظفرت بطلبتك لم يضرّك تحصينها، وإن هُزمت لجأت إليها؛ فعزم على ذلك، فعاجله عبدالوهاب بن رستم فقاتله مدة طويلة، وتفاني بينهم ألوف من الناس، فكانت الهزيمة متى وقعت بعبدالوهاب ثاب إليه المدد لأن البلد بلده وأهل ديانته، ومتى نزلت بإدريس لم يجد غير أصحابه المنهزمين يعاود بهم الحرب.

  فلما رأى إدريس ذلك، لحق بطنجة، فنزل مدينة يقال لها: وليلي⁣(⁣١)، وكان أهل طنجة والسوس الأقصى «صفرية ومعتزلة»⁣(⁣٢) فأجابوه وبايعوه، وكان بعضهم رآه يقاتل بفخ مع الحسين حتى خضب قميصه بالدم، فلما رأوه عرفوه، فلم ينثنوا عنه، وشهدوا له أنه إدريس الذي قاتل المسوّدة هو وإخوته وبنوا أبيه حتى قُتلوا، واجتمعوا إليه وقلّدوه أمرهم، فسار فيهم سيرة أهل الحق، وأظهر العدل؛ وقدّم أهل الفضل، ولم يستبد برأيه


(١) في بعض النسخ: وليله وهي من أرض فاس.

(٢) الصفرية والمعتزلة: مذاهب وطوائف، انظر الملل والنحل للشهرستاني (١ - ٤٣)، المعتزلة وفرقها، الصفرية (٣٧/ ١)، وانظر تاريخ المذاهب الإسلامية محمد أبو زهرة ٧٦.