أخبار فخ وخبر يحيى بن عبدالله (ع) وأخيه إدريس بن عبدالله (ع)،

أحمد بن سهل الرازي (المتوفى: 310 هـ)

[إرسال هرثمة إلى المغرب]

صفحة 65 - الجزء 1

[إرسال هرثمة إلى المغرب]

  فاستعمل على المغرب هرثمة بن أعين⁣(⁣١) - وكان أشد رجل في عصره، وأحسنهم تدبيراً في الحرب - وأكّد عليه في الحيلة في إدريس بالسم، ووجه معه الأموال والجيوش، وأمره ألا يرجع ما بقيَ إدريس في المغرب.

  فأقام هرثمة لعمري بالمغرب حتى سمّ إدريس وقُتِل.

  قال: وأقبل هرثمة حتى صار إلى برقة، فقدم يحيى بن موسى الكندي في جيش عظيم إلى طرابلس.

  وأراد أن يختير عبدالله بن الجارود هل هو في الطاعة لهم أم لا؟. وكتب إلى محمد بن يزيد الفارسي كتاباً لطيفاً يعده ويمّنيه ويأمره أن يغتال عبد الله بن الجارود إن لم يقبل ما بذل له من الأمان ويسلّم القيروان، وكتب إليه إن هو فعل ولاّه القيروان ورفعه وأجازه.

  فعرض محمد بن يزيد على عبد الله بن الجارود أن يُسلّم إليه البلد فأبى، فكلم الأبناء ودسّ إليهم واستمالهم؛ وقال: أنتم أصحاب هذه الدولة، والقائمون بها؛ وعبدالله قد خلع الطاعة وشاقّ الخليفة ومالأَ عدوّ أمير المؤمنين إدريس بن عبدالله، فأجابوه فواعدهم موضعاً يقال له: باب ابن أبي الربيع⁣(⁣٢) في يوم بعينه؛ ثم ثار بهم.

  فلما بلغ عبد الله بن الجارود زحف إليه، فانهزم محمد بن يزيد الفارسي وتبعه عبد الله حتى قتله وآمن من تخلّف من أصحابه، ولحق قوم منهم بنفوسه وزناته.

  ثم قدم يحيى بن موسى - خليفة هرثمة - طرابلس فدخلها يوم السبت لعشر خلون


(١) هرثمة بن أعين: من كبار قواد العباسيين أرسل في عدة مهمات.

(٢) من أبواب القيروان.