[إرسال هرثمة إلى المغرب]
  من المحرم بغير حرب سنة تسع وسبعين ومائة، فبعث إلى من بها من القوّاد والأبناء فأعطاهم رزق سنتين، فلما بلغ من بالقيروان ذلك خذلوا عبدالله بن الجارود (العبدي) وتسلّلوا إلى يحيى بن موسى الكندي.
  وقدم هرثمة طرابلس فخاف أن يفوته عبدالله بن الجارود ويصير إلى «الزاب» فيلحق بإدريس فلا يقوم له، فأشاروا عليه أن يكتب إلى العلاء بن سعيد ويأمره بحربه والأخذ عليه ويمده بالأموال، وكان العلاء بالزاب ففعل.
  فجمع العلاء كل من قبله من أبناء الجند؛ وأهل الشام، وسائرعرب المغرب؛ ومن قدرعليه، وكتب إليه هرثمة أن يزحف إلى القيروان وأن يعرض جميع من أتاه ويستعين على عبدالله بن الجارود بكل من قدر عليه.
  فلما بلغ عبدالله ذلك وخذله أصحابه عَلِمَ أنه لا طاقة له بالقوم، ولا سبيل له إلى اللحوق بإدريس بطنجة، فكتب إلى هرثمة بن أعين: أن وجه إليّ من أحببت حتى أُسلِّم إليه العمل، واعترف له بالطاعة.
  فوجه هرثمة يحيى بن موسى بجميع الجند الذين كانوا بطرابلس وضمّ إليه خلقاً من أصحابه، فلما قارب إفريقية تلقّاه النضر بن حفص، وابن معاوية - القائدين في جميع جند إفريقية - فصوّب نحو القيروان، وخالفه عبدالله بن الجارود فخرج عنها إلى ناحية سرت(١) وأقام بها، ووجّه رسولاً يأخذ له الأمان من الرشيد، وعزم إن تعذر عليه الأمان منه أن يأخذ الفلاة والرمال إلى إدريس، فأجابه الرشيد إلى جميع ما سأل، وبعث إليه بالخلع والأموال، ووجه إليه برسول يؤمّنه ويضمن له كل ما طلب ويأمره بالقدوم بغداد؛
(١) سرت: بين براقة وطرابلس.