[حيلة أبو البختري على الفقهاء في الكذب]
  ماله، فإن أمير المؤمنين إذا فعل ذلك بهم شهدوا جميعاً على إستمالة جستان وردّه إلى ما يحب أمير المؤمنين.
  فوقع الكلام من هارون موقعاً عجيباً، وأمرلأبي البختري بجائزة ثلاثمائة ألف درهم، وأمر لسليمان بن فليح بمائة ألف درهم.
  ووجّههما على البريد إلى الفضل بن يحيى، وأمره أنّ من امتنع أن يشهد معهما عند جستان أن يضرب عنقه كائناً من كان ويستصفى ماله، ومن شهد أُكرِمَ وأُجيز وأُسقط عنه الخراج، قال: ففعل الفضل بن يحيى ما أمره به هارون.
[حيلة أبو البختري على الفقهاء في الكذب]
  وقدم أبو البختري إلى دسينا، ووجّه إلى وجوه البلدان فأحضرهم، وقال لهم: إن هذا يحيى بن عبد الله قد دخل الديلم، ويريد أن يقاتل بأهل الشرك أهل الإسلام، ويخرج يده من طاعة أميرالمؤمنين، وقد جاءت الرخصة في الكذب، والخديعة في الحرب، وقد رأينا أن نشهد أنه عبدٌ لأميرالمؤمنين، نطلبُ بذلك الثواب عند الله لترجع إِلفة المسلمين وتسكن الثائرة، ولا غني بكم عن حسن جزاء أميرالمؤمنين، وهذا كتابه، فقرأعليهم ما فيه من الإيعاد لمن إمتنع، والإطماع لمن أجاب، فأجابوه بأجمعهم إلى أن يشهدوا معه.
  فخبرني حريث بن ميسرة الكناني - من وجوه أهل مدينة أبهرعن مشائخ أهله: أن أبا البختري وسليمان لما قدما من عند هارون وجهوا في كور الجبل إلى أهل الفقة والعلم والمعدّلين ممن يعرفهم جستان من أهل قزوين وزنجان وأبهر وشهربرد وهمذان والرَّي ودنباوند والرويان، فأتاهم؛ فجمع له منهم تسعمائة رجل، ومن أهل طبرستان أيضاً أربعمائة رجل، فشهدوا بأجمعهم عند جستان أنه: عبد لهارون.
  وكل هؤلاء من أهل الشرف والقدر، والعرب المتمكنين في بلاد الجبل ليس فيهم