[وصية أمير المؤمنين لولده الحسن @]
  اعْتَذَرَ إِلَيْكَ، أَطِعْ أَخَاكَ وَإِنْ عَصَاكَ، خُذِ الْعَفْوَ مِنَ النَّاسِ، إِيَّاكَ أَنْ تَذْكُرَ مِنَ الْكَلَامِ مَا يَكُونُ مُضْحِكاً، وَإِنْ حَكَيْتَ ذلِكَ عَنْ غَيْرِكَ، عَوِّدْ نَفْسَكَ السَّمَاحَ، تَخَيَّرْ مِنْ كُلِّ خُلُقٍ أَحْسَنَهُ، فَإِنَّ الْخَيْرَ عَادَةٌ.
  وَإِيَّاكَ وَمُشَاوَرَةَ النِّسَاءِ، فَإِنَّ رَأَيَهُنَّ إِلَى أَفْنٍ، وَعَزْمَهُنَّ إِلَى وَهْنٍ.
  وَاكْفُفْ عَلَيْهِنَّ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ بِحِجَابِكَ إِيَّاهُنَّ، فَإِنَّ شِدَّةَ الْحِجَابِ خَيْرُ مِنَ الْإرْتِيَابِ، وَلَيْسَ خُرُوجُهُنَّ بِأَضَرِّ مِنْ دُخُولِ مَنْ لَا تَأْمَنُهُ عَلَيْهِنَّ، وَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَلَّا يَعْرِفْنَ غَيْرَكَ فَافْعَلْ.
  وَلَا تُمَلِّكِ الْمَرْأَةَ مِنْ أَمْرِهَا مَا جَاوَزَ نَفْسَهَا، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ رَيْحَانَةٌ، وَلَيْسَتْ بِقَهْرَمَانَةٍ.
  وَلَا تَعْدُ بِكَرَامَتِهَا نَفْسَهَا، وَلَا تُطْمِعْهَا أَنْ تَشْفَعَ لِغَيْرِهَا.
  وَإِيَّاكَ وَالتَّغَايُرَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ غَيْرَةٍ، فَإِنَّ ذلِكَ يَدْعُو الصَّحِيحَةَ إِلَى السَّقَمِ، وَالْبَرِيئَةَ إِلَى الرِّيَبِ.
  أقْلِلْ الغَضَبَ وَلَا تُكْثِرِ الْعِتَابَ فِي غَيْرِ ذَنْبٍ، أَحْسِنْ لِلْمَمَالِيكِ الْأَدَبَ، وَأَحْسِنِ الْعَفْوَ عَنْهُمْ إِذَا أَجْرَمُوا مَعَ الْعَذْلِ، فَإِنَّهُ أَشَدُّ مِنَ الضَّرْبِ لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ، وَخَفِّفِ الْقِصَاصَ حِينَ لَا مَنَاصَ، وَاجْعَلْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ عَمَلاً تَأْخُذُهُ بِهِ، فَإِنَّهُ أَحْرَى أَلَّا يَتَوَاكَلُوا فِي خِدْمَتِكَ.
  وَأَكْرِمْ عَشِيرَتَكَ، فَإِنَّهُمْ جَنَاحُكَ الَّذِي بِهِ تَطِيرُ، وَأَصْلُكَ الَّذِي إِلَيْهِ تَصِيرُ، فَإِنَّكَ بِهِمْ تَصُولُ وَبِهِمْ تَطُولُ، وَهُمُ الْعِدَّةَ عِنْدَ الشِّدَّةِ، أَكْرِمْ كَرِيمَهُمْ، وَعُدْ سَقِيمَهُمْ، وَأَشْرِكْهُمْ فِي أَمْرِكَ وَأَمْرِهِمْ، وَاسْتَعِنْ بِاللهِ عَلَى أَمْرِكَ كُلِّهِ، فَإِنَّهُ أَكْرَمُ مُعِينٍ، [أَسْتَوْدِعُ اللهَ دِينَكَ وَدُنْيَاكَ، وَأسْأَلُهُ خَيْرَ الْقَضَاءِ لَكَ فِي الْعَاجِلَةِ وَالْآجِلَةِ،