مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[إلزام لا مفر منه]

صفحة 158 - الجزء 1

  وإن قالوا: لا يجوز لأحد أن يقول هذا القول، وإن من احتج بعلم الله سبحانه في المعاصي، أنه لا ينفعه ما احتج به في الدنيا ولا في الآخرة.

  قلنا لهم: فلم تكرورن أن من افترض الله تعالى عليه الخروج من معاصيه، أنه يلزم الله ø أن من لم يعلم منه الخروج من المعاصي أنه مجهِّل لله، وهذا أحول المحال، لأن العلم إنما وقع على ما اختار العباد، وليس بحامل لهم على معصية، ولا مُخرجٍ لهم من طاعة، وإنما مثل العلم وإحاطته بالخلائق، مثل السماوات والأرض وإحاطتها بالخلائق.

  فنقول للمجبرة: خبرونا عن السماوات والأرض، هل لكم منها مَحرج؟

  فإن قالوا: نعم، كذّبهم جميع الخلق، وخرجوا من المعقول.

  وإن قالوا: لا مخرج لنا منها ..

  قلنا لهم: فإذا زني الزاني، وكفر الكافر، وأشرك المشرك، وقتل القاتل، وسرق السارق، هل يكون للسماوات والأرض في فعلهم فعل أو معني؟ او شاركتهم السماوات والأرض في شيء من أفعالهم، من الفجور والطاعة، بقليل أو كثير؟!

  فإن قالوا: نعم، قد شاركتنا السماوات والأرض في كفرنا وشركنا، وفجورنا وقتلنا النفس، وقولنا: إن الله ثالث ثلاثة - عزَّ عن ذلك وتعالى - وكذلك شاركت السماوات والأرض أهل الطاعة في طاعتهم.

  قلنا لهم: {هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ١١١}⁣[النمل]؟ فلا يقدرون على حجة، ولا ملجا لهم إلى فرج أن السماوات والأرض شركن معهم في شيء من أفعالهم، فإذا صح ذلك ولزمهم وانقطعوا، قلنا لهم: فأوجدونا هل لكم من العلم مَحرجٌ إلى غيره؟