مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[جواب الإمام الهادي عن المسألة]

صفحة 162 - الجزء 1

  وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ٧}⁣[القصص]، فقال: هل كان فرعون يستطيع أن يقتل موسى حتى لا يردّه الله إلى أمه ولا يجعله من المرسلين؟

  فقال #: إن الله ø لو أخرج فرعون من أكبر المعاصي بعد الشرك به، من قتله نبيه إخراجاً، ومنعه من معصيته منعاً، وقسره على الخروج قسراً، ولو جاز أن يُخرِج عدوّه من معاصيه قسراً، لكان قد أدخله في ضدها من الطاعة جبراً، ولو كان يخرج العاصين، من المعاصي ربُّ العالمين، لكان عباده المؤمنون أولى بذلك، ولو أخرج عباده ومنعهم من معاصيه قسراً، لأدخلهم في طاعته جبراً، ولو فعل ذلك بهم، لسقط معنى الأمر والنهي، ولكان العاملَ دونهم، الفاعلَ الأفعالهم، تعالى الله عن ذلك! فلم يُطَع سبحانه مكرِهاً، ولم يُعْصَ مغلوباً.

  ثم نقول في ذلك بالحق إن شاء الله، فنقول: إن الله سبحانه لما علم أنه إذا ألقي على موسى صلى الله عليه المحبة، التي ذكر أنه ألقاها عليه في قوله: {وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي}⁣[طه: ٣٩]، أحبّته لذلك امرأة فرعون، فسالت فرعون تَرْكَه عندما همّ به من قتله، حين تبين له ما كان من فعله، فتركه لها وصفح عنه، لحب محبتها واتباع سارّها، فكان ذلك نجاة لموسى مما همّ به فيه فرعون الكافر الملعون، فلما أن علم الله ø أن ذلك سيكون من اختبار فرعون، وأنه سيختار إجابة امرأته إلى ما