مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[شبهة لو شاء الله لآمن الناس كلهم]

صفحة 187 - الجزء 1

  غير ما علم، ولا أن يكون من العباد ما لا يعلم أنه كائن منهم.

  الجواب قال أحمد بن يحيى @: وأما ما سألت عنه من قول الله ø: {وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ ٣٣ وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ ٣٤ وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ ٣٥}⁣[الزخرف]، فإنما هذا إخبار من الله ø، لم يفعله ولم يرده، ولم يحكم به على أحد، وسؤالك عما لم يفعله الله ø خطأ منك، وجهل بكتابه، لأنه يقول: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ٢٣}⁣[الأنبياء]، فأنت تسمعه ø يقول: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ}، ونهي عن سؤاله عما قد فعل، فكيف يسأل عما لم يفعل! هذا من أعجب العجب، وكفى بهذا جهلاً وكفراً بالآية.

  وهو ø فقد أنزل هذا الوصف الذي وصف، وليس لأحد أن يقول: لِمَ لم يفعله، ولو أنه أنفذه ولو أنه لم ينفذه؟ فيجب على من يسأل عن ذلك الخروجُ من حكم الآية، والمعصية لله جل ثناؤه فيها، وهو قوله: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ}، وهذا هو الحق.

  وأما قوله: {وَهُمْ يُسْأَلُونَ ٢٣}، فهذا يوجب عليك أنه لا يسألهم إلا عن أفعالهم التي هو بريء منها، ليس له فيها فعل بوجه من جميع الوجوه، ولا بسبب من جميع الأسباب، إلا أمره لهم بالفرائض، ونهيه لهم عن المعاصي، ولو كان له فيها سبب بمقدار شعرة، لم يجُزْ في الحكمة ولا في العدل أن يقول: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ٢٣}.

  فعمّا يسالون إن كان الفعل كله هو خَلَقَه وقدّره؟!