مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[شبهة على قوله، {ويتخذ منكم شهداء}]

صفحة 212 - الجزء 1

  زوال الأقدام وظهور الأعداء، وبين إرادة إبليس في ثبات أقدام أوليائه، وظهورهم على حزب الله ø، وغلبتهم للمؤمنين فرق عظيم، وهذا لازم لكم، وفيه خروجكم من الإسلام، أو الرجوع إلى التوبة، وإن إرادة إبليس قد وافقت إرادة الله - زعمتم - في قتل الشهداء، وإن رسول الله محمداً المصطفى صلى الله عليه مخالِفةٌ إرادتُه لإرادة الله في قتل الشهداء، لأن النبي صلى الله عليه قد أحب بقاء عمه حمزه، وغمّه قتلُه، وبلغ منه وأوجع قلبه، ومن قُتل معه من المهاجرين والأنصار، رضوان الله عليهم جميعا، وغمّه أيضا وبلغ منه ظفرُ المشركين به وبأصحابه، إلا أن تقول: إن النبي صلى الله عليه كان شامتاً فرحاً بقتل الشهداء، فيوافق إبليس في فرحه بقتلهم وشماتته عليهم.

  كما زعمت أن الله ø أراد قتلهم، وأن يعصيه المشركون في ذلك، فاتفقت إرادة الله ø، وإرادة نبيه صلى الله عليه، وإرادة إبليس - لعنه الله - جميعا في قتل الشهداء، والرضى به، والمحبة لزوالهم من الدنيا، وراحة المشركين منهم، و اختلال موضعهم من الاسلام، وظهور المشركين على الرسول صلى الله عليه فلا لوم على إيليس لموافقته لإرادة الله وإرادة رسوله - على قَوَد قولكم - وهذا أعمى العمى، وأكفر الكفر، لأن الصحيح في إرادة إبليس المخالفة لله ولرسوله، في أن الله ورسوله لم يريدا ولم يحبّا قتل المؤمنين، وأن إبليس أراد قتلهم وظهور المشركين عليهم.

  ثم نقول لك يا عبد الله بن يزيد البغدادي: أخبرنا هل كانت العرب أهل اللغة والكلام الصحيح والفصاحة عند فصل الخطاب، الذي خاطب الله ø محمداً صلى الله عليه بلغتهم، وقال: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ}⁣[إبراهيم: ٤]،