مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[شبهة على قوله، {ويتخذ منكم شهداء}]

صفحة 217 - الجزء 1

  ثم قال في كتابه للكفار: {لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ٧}⁣[التحريم]، ويحك فأخبرنا ماذا عملوا، وإنما بإرادة الله قتلوا، وبإرادته دخلوا النار، جل الله عما قلتم.

  ثم وصف المؤمنين فقال: {وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ ٤ سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ ٥ وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ ٦}⁣[محمد]، وهو - زعمتم – الذي أراد قتلهم، وبإرادته قُتلوا، وبإرادته دخلوا الجنة، لا بعمل زعمتم في قَوَد قولكم لأنه - زعمتم - جعل بعضهم مؤمنين، وبعضهم كافرين، ثم قال لهؤلاء: جزاء با كنتم تعملون، ولهؤلاء: جزاء با كنتم تعملون، ولم يقل ما قالت المجبرة من أن ذلك الجزاء كله كان بإرادته لا باستحقاق، وكان من فعل الفريقين، ولا أنه دخل فيه بمقياس ذرة فما دونها!

  أفترى أيها المفتري أن البهائم لو علمت واحتُجَّ عليها بدون هذه الحجج، هل كانت تستجيز أن تقول مثل قول المجبرة المفترية على الله الزور والبهتان، وهؤلاء المجبرة المفترون على الله جل ثناؤه يسمعون القرآن يُتلى عليهم في كل يوم، ويحتج به أهل العدل في ردّ دعواهم، وهم مع ذلك يُصرّون ويستكبرون على الجهل والتعامي عن الحق، وليس من سورة إلا وفيها العدل شاهد على من خالفه، ولو كان في القرآن آية واحدة توجب لهم علينا حجة، أو تقطع لنا مقالة، لا نقدر لها على جواب، الفسد جميع العدل، ولم تقم لأهله حجة، وإنما تعلقوا بآيات متشابهات لم يعرفوا معانيها، وقلّدوا كبراءهم ما غرّوهم به في تأويلها، مع جهلهم باللغة العربية، وتصرفها في القرآن.

  وجهلوا التأويل الموروث عن أهل بيت النبوة $، وأبغضوا الحق وأهلَه ونصبوا لهم العداوة، وتعاموا عن قوله ø: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ