[شبهة على قوله، {ويتخذ منكم شهداء}]
  عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ٣٣}[الأحزاب]، والمطهَّر من الرجس لا يكون في دينه زلل، ولا في قوله ميل، ولا في تأويله للقرآن خطَل، فلم يكن ø ليطهر من يكذب عليه، ويكون من عانده أولى بالحق منه، وهو ø أعلمُ بالمفسد من المصلح، ولو عَلِمَ أن أهل بيت النبوة يقولون عليه بالجبر والتشبيه - و [بغير] الأمر الذي زعم من خالفهم انهم فيه مخطئون، من قولهم بالعدل والتوحيد، وإثبات الوعد والوعيد والإمامة - ما أذهب الله ø الرجس عمن يعلم أنه يكذب عليه، ويعتقد غير دينه الذي ارتضاه، وإذاً لم يطهّرهم تطهيرا، وهو يعلم أن في الأمة من هو أبصر منهم بالدين، وأقوم بالحق، وأَقْوَل عليه بالعدل والتوحيد والتصديق، ثم يصطفي أهل البيت دونهم، ويجعل إليهم الرئاسة والسياسة، وهو يعلم أن في أمة محمد صلى الله عليه من هو خير منهم ثم طهّرهم وأذهب عنهم الرجس، وفي الأرض من هو أحقّ بالتطهير وإذهاب الرجس منهم.
  وليس هذه صفة حكيم ولا حَسَنِ الفعل، ولا مفضُل لأهل الفضل، ولا معرّف بقَدْر مستحق، ولا مبين له على من هو دونه، وهو الذي قال ø: {وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ٥٦}[يوسف]، وقال: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ}[القصص: ٦٨]، وقال: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ}[إبراهيم: ٢٧]، أي: سمّاهم ضُلّالا بفعلهم وظلمهم، لا أنه أضلّهم جبراً وقسرا. وقال: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}[الزمر: ٩]. فالواجب عليه ø إذا كان الخلق لا يستوون عنده، أن جَعَلَ التطهرة وإذهاب الرجس للفرقة التي هي أقوم بدينه، وأعرف بحقه، وأقوم بطاعته، واعلم بكتابه، وأحكم بسنته، وأقوم بعدله وتوحيده، وإثبات وعده ووعيده، وأولى أن تثبت بالقول الثابت في الحياة الدنيا قبل الآخرة.
  فلما علمنا أن ربنا ø قد طهّر اهل بيت نبينا صلى الله عليه في كتابه،