[شبهة على قوله، {ويتخذ منكم شهداء}]
  وأذهب عنهم الرجس، وذلك للسابقين منهم بالخيرات دون غيرهم، علمنا أنهم أهل الحق، وأهل العلم بالدين، والقَوَمَة بالكتاب، والحكام على الناس، وأن من خالفهم هو المبطل الهالك، لأن الله ø أكرم وأعدل وأحكم من أن يذهب الرجس ويطهّر من الدَّرن والعيوب من يكذب عليه، ويخالف كتابه ورسوله صلى الله، ويدع القوم الذين هم أقوم بدينه منهم.
  فقد صح وثبت والحمد لله أن الحق والدين الصحيح والمذهب المرضي مع القوم المطهّرين في القرآن، الُمذْهَب عنهم الرجس، وأن الباطل والضلال، والجبر والتشبيه، والخطأ والفساد، مع القوم الذين عاندوهم ولم يطهَّروا في القرآن، ولم يُذهبَ عنهم الرجس، فوجب أن الحق المحقّ مع القوم الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، ومن قال بقولهم على الحقيقة.
  لأن الله ø لا يغلط ولا يخطئ ولا يجور، ولا يضع الصفوة في غير أهلها، ولا يعطي الحجج القاهرة من يكذب عليه، كما لا يجوز أن يعطي الله ø المعجزات من يكذب عليه، ممن يدّعي النبوة وليس بنبي، ويدعي له العوام وجهال الناس ذلك، مثل ما ادّعوا لفرعون من الخير الذي سأل الله - في زعمهم - فأرسل معه النِيل يسير إذا سار، ويقف إذا وقف، ولو جاز أن يكون هذا حقا لم يكن بين معجزة فرعون وبين معجزة موسى # فرقٌ تجب به نبوة موسي ~، من إلقائه العصا، وفلق البحر، وغير ذلك من الآيات. فافهم هذا أنت يا عبد الله بن عمر، أكرم الله وجهك - أعني وليّنا عبد الله بن عمر أكرمه الله.
  واعلم يا أبا محمد - أكرمك الله - أن القوم إنما وجهوا إليك بكتاب عبد الله بن يزيد البغدادي ليوقفوك أن معهم من الحجج في إثبات الجبر ما لا يقدر له أحد