[شبهة حول قوله، {وجعلنا قلوبهم قاسية}]
[شبهة حول قوله، {وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً}]
  ثم قال عبد الله بن يزيد البغدادي: ثم سلهم عن قول الله سبحانه: {وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً}[المائدة: ١٣]، أليس قد جعلها قاسية؟
  فإن قالوا: نعم، فقد أعطوك بأن الله جعل بعض قلوب العباد قاسية، فسلهم عند ذلك فقل: خبّرونا عمن جعل الله قلبه قاسياً، أيكلّفه الايمان وقد جعل قلبه قاسياً؟
  فإن قالوا: نعم، فقد أعطوك ما عابوا عليك من العدل.
  وإن قالو: لم يجعلها الله قاسية، فقد تركوا الكتاب، فسلهم أرأيتم قوله {جَعَلْنَا} هل أنزل الله هذا؟
  فإن قالوا: بلى.
  فقل: فإنه قال: {وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً}.
  فإن قالوا: إنما عني بذلك: جعلها قاسية بالنقض، لأنه قال: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً}[المائدة: ١٣].
  فقل لهم عند ذلك: إنا لا نبالي على أي الوجهين جعلتم كلامكم، لأنه عندنا لنا فيه حجة، فلا نبالي قلتم الطبع قبل النقض أو بعده. أخبرونا الآن إذ زعمتم أنه طبع بعد النقض، وزعمتم أن من طبع الله على قلبه فلا يؤاخذه بمعصية، وأن الله لا يفعل ذلك إلا بعد النقض، لأن مَن وَصَفَ أن الله يطبع ثم يكلف، فقد وصف الله بالجور ا أخبرونا الآن إذ أقررتم بأنه قد طبع بعد النقض، أكلفهم الإيمان من بعد ما طبع على قلوبهم؟ فسلهم عند ذلك عن اليهود والنصارى وجميع الكفار أليسوا ناقضين؟!