[شبهة حول قوله، {وجعلنا قلوبهم قاسية}]
  فإن قالوا: بلى.
  فقل: أفليس قد طبع الله على قلوبهم؟
  فإن قالوا: نعم.
  قل: أفليسوا مكلَّفين اليوم الإيمان، ولا يؤاخذهم الله بكفرهم بالله اليوم بعد الطبع، فقد يطبع الله على قلوب قوم ثم يكلّفهم الايمان؟!
  فإن قالوا: نعم، فقد يفعل الله ذلك، فهذا قولنا أجبناهم إليه.
  ثم سلهم: أليس قد تزعمون أن من قال: إن الله قد كلّف العباد ما لا طاقة لهم به، فقد وصف الله بأنه يظلم العباد؟!
  فإن قالوا: نعم.
  فقل: أفليس المؤمنون حين قالوا: {رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ}[البقرة: ٢٨٩]، أليس قد قالوا: ربنا لا تظلمنا؟
  فإن قالوا: نعم.
  فقال: أفليس المؤمنون قد كانوا يسألون الله أن لا يظلمهم؟ وأخبرونا عمّن سأل الله أن لا يظلمه أعَرَفَ الله ام لا؟!
  فإن قالوا: نعم، إنه يعرف الله.
  فقل: أفليس يعرف اللهَ من لا يدري لعل الله سيظلمه، فإنهم لن يعطوك هذا.
  وإن قالوا: إنهم إنما فعلوا ذلك لأنهم قد علموا أن الله قد كلّف قوماً ما لا طاقة لهم به، في غير ظلم من الله لهم، فسألوا الله أن لا يحملهم، فذلك العدل قد أقروا به.